تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٢٣
«ثم قبضناه» عطف على مد داخل في حكمه وثم للتراخي الزماني لما أن في بيان كون القبض والمد مر تبين دائرين على قطب مصالح المخلوقات مزيد دلالة على الحكمة الربانية ويجوز أن تكون للتراخي الرتبي أي أزلناه بهد ما أنشأناه ممتدا ومحوناه بمحض قدرتنا ومشيئتنا عند إيقاع شعاع الشمس موقعة من غير أن يكون له تأثير في ذلك أصلا وإنما عبر عنه بالقبض المنبىء عن جميع المنبسط وطيه لما أنه قد عبر عن إحداثه بالمد الذي هو البسط طولا وقوله تعالى «إلينا» للتنصيص على كون مرجعه إليه تعالى كما أن حدوثه منع عز وجل «قبضا يسيرا» أي على مهل قليلا حسب ارتفاع دليله على وتيرة معينة مطردة مستتبعة لمصالح المخلوقات ومرافقها وقبل إن الله تعالى حين بنى السماء كالقبلة المضروبة ودحا الأرض تحتها ألقت القبة طلها على الأرض لعدم النير وذلك مدة تعالى إياه ولو شاء لجعله ساكنا مستقرا على تلك الحالة ثم خلق الشمس وجعلها على ذلك الظل أي سلطها عليه ونصبها دليلا متبوعا له كما يتبع الدليل في الطريق فهو يزيد بها وينقص ويمتد ويقلص ثم نسخه بها فقبضه قبضا سهلا يسيرا غير عسيرا وقبضا سهلا عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهي الإجرام التي تلقى الظل فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه كما ذكر إنشاؤه بإنشائها ووصفه باليسر على طريقة قوله تعالى ذلك حشر علينا يسير وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع «وهو الذي جعل لكم الليل لباسا» بيان لبعض بدائع آثار قدرته تعالى وحكمته وروائع أحكام رحمته ونعمه الفائضة على الخلق وتلوين الخطاب لتوفية مقام الامتنان حقه واللام متعلقة بجعل وتقديمها على مفعوليه للاعتناء ببيان كون ما يعقبه من منافعهم وفي تعقيب بيان أحوال الظل ببيان أحكام الليل الذي هو ظل الأرض من لطف المسلك ما لا مزيد عليه أي هو الذي جعل لكم الليل كاللباس يستركم بظلامه كما يستركم اللباس «والنوم سباتا» أي وجعل النوم الذي يقع في الليل غالبا قطعا عن الأفاعيل المختصة بحال اليقظة عبر عنه بالسبات الذي الموت لما بينها من المشابهة التامة في انقطاع أحكام الحياة وعليه قوله تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل وقوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها «وجعل النهار نشورا» أي زمان بعث من ذلك السبات كبعث الموتى على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أو نفس البعث على طريق المبالغة وفيه إشارة إلى أن النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور وعن لقمان عليه السلام يا بني كما تنام فتوقظ كذلك تموت وتنشر «وهو الذي أرسل الرياح» وقرئ بالتوحيد على أن المراد هو الجنس «بشرا» تخفيف بشر جمع بشور أي مبشرين وقرئ بشرى وقرى نشرا بالنون جمع نشور أي ناشرات للسحاب وقرئ بالتخفيف وبفتح النون أيضا على أنه مصدر
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300