منهم» أي من أولئك العصبة «ما اكتسب من الإثم» بقدر ما خاض فيه «والذي تولى كبره» أي معظمه وقرئ بضم الكاف وهي لغة فيه «منهم» من العصبة وهو ابن أبي فإنه بدأ به وأذاعه بين الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل هو وحسان ومسطح فإنهما شايعاه بالتصريح به فإفراد الموصول حينئذ باعتبار الفوج أو الفريق أو نحوهما «له عذاب عظيم» أي في الآخرة أو في الدنيا أيضا فأنهم جلدوا وردت شهادتهم وصار ابن أبي مطرودا مشهودا عليه بالنفاق وحسان أعمى وأشل اليدين ومسطح مكفوف البصر وفي التعبير عنه بالذي وتكرير الإسناد وتنكير العذاب ووصفه بالعظم من تهويل الخطب ما لا يخفي «لولا إذ سمعتموه» تلوين للخطاب وصرف له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذويه إلى الخائضين بطريق الالتفات لتشديد ما في لولا التحضيضية من التوبيخ ثم العدول عنه إلى الغيبة في قوله تعالى «ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا» لتأكيد التوبيخ والتشنيع لكن لا بطريق الإعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم على وجه المثابة بل بالتوسل بذلك إلى وصفهم بما يوجب الإتيان بالمحضض عليه ويقتضيه اقتضاء تاما ويزجرهم عن ضده زجرا بليغا فإن كون وصف الإيمان مما يحملهم على إحسان الظن ويكفهم عن أسامة بأنفسهم أي بأبناء جنسهم النازلين منزلة أنفسهم كقوله تعالى ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وقوله تعالى ولا تلمزوا أنفسكم مما لا ريب فيه فإخلالهم بموجب ذلك الوصف أقبح وأشنع والتوبيخ عليه أدخل مع ما فيه من التوسل به إلى التصريح بتوبيخ الخائضات ثم ان كان المراد بالإيمان الإيمان الحقيقي فإيجابه لما ذكر واضح والتوبيخ خاص بالمؤمنين وإن كان مطلق الإيمان الشامل لما يظهره المنافقون أيضا فإيجابه له من حيث انهم كانوا يحترزون عن إظهار ما ينافي مدعاهم فالتوبيخ حينئذ متوجه إلى الكل وتوسيط الظرف بين لولا وفعلها لتخصيص التخصيص بأول زمان سماعهم وقصر التوبيخ على تأخير الإنيان بالمحضض عليه عن ذلك الآن والتردد فيه ليفيد أن عدم الإتيان به رأسا في غاية ما يكون من القباحة والشناعة أي كان الواجب أن يظن المؤمنون والمؤمنات أول ما سمعوه ممن اخترعه بالذات أو بالواسطة من غير تلعثم وتردد بمثلهم من آحاد المؤمنين خيرا «وقالوا» في ذلك الآن «هذا إفك مبين» أي ظاهر مكشوف كونه إفكا فكيف بالصديقة ابنة الصديق أم المؤمنين حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم «لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء» إما من تمام القول المحضض عليه مسوق لحث السامعين على إلزام المسمعين وتكذيبهم إ تكذيب ما سمعوه منهم بقولهم هذا إفك مبين وتوبيخهم على تركه أي هلا جاء الخائضون بأربعة شهداء يشهدون على ما قالوا «فإذ لم يأتوا» بهم وإنما قيل «بالشهداء» لزيادة التقرير «فأولئك» إشارة إلى الخائضين وما فيه من معنى البعد للإيذان بغلوهم في الفساد وبعد منزلتهم عن الشر أي أولئك المفسدون «عند الله» أي في حكمه وشرعه المؤسس على الدلائل الظاهرة المتقنة «هم الكاذبون» الكاملون في الكذب المشهود
(١٦١)