«فتقطعوا أمرهم» حكاية لما ظهر من أمم الرسل بعدهم من مخالفة الأمر وشق العصا والضمير لما دل عليه الأمة من أربابها أولها على التفسير بن والفاء لترتيب عصيانهم على الأمر لزيادة تقبيح حالهم أي تقطعوا أمر دينهم مع اتحاده وجعلوه قطعا متفرقة وأديانا مختلفة «بينهم زبرا» أي قطعا جمع زبور بمعنى الفرقة ويؤديه قراءة زبرا بفتح الباء جمع زبرة وهو حال من أمرهم أو من واو تقطعوا أو مفعول ثان له فإنه متضمن لمعنى جعلوا وقبل كتبا فيكون مفعولا ثانيا أو حالا من أمرهم على تقدير المضاف أي مثل زبر وقرئ بتخفيف الباء كرسل في رسل «كل حزب» من أولئك المتحزبين «بما لديهم» من الدين الذي اختاروه «فرحون» معجبون معتقدون أنه الحق «فذرهم في غمرتهم» شبه ما هم فيه من الجهالة بالماء الذي يغمر القامة لأنهم مغمورون فيها لاعبون بها وقرئ غمراتهم والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والفاء لترتيب الأمر بالترك على ما قبله من كونهم فرحين بما لديهم فإن انهماكهم فيما هم فيه وإصرارهم عليه من مخايل كونهم مطبوعا على قلوبهم أي اتركهم على حالهم «حتى حين» هو حين قتلهم أو موتهم على الكفر أو عذابهم فهو وعيد لم بعذاب الدنيا والآخرة وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى له عن الاستعجال بعذابهم والجزع من تأخيره وفي التنكير والإبهام ما لا يخفى من التهويل «أيحسبون أنما نمدهم به» أي نعطيهم إياه ونجعله مددا لهم فما موصولة وقوله تعالى «من مال وبنين» بيان لها وتقديم المال على البنين مع كونهم أعز منه قد مر وجهه في سورة الكهف لا خبر لأن وإنما الخبر قوله تعالى «نسارع لهم في الخيرات» على حذف الراجع إلى الاسم أي أيحسبون أن الذي نمدهم به من المال والبنين نسارع به لهم فيما فيه خيرهم وإكرامهم على أن الهمزة لإنكار الواقع واستقباحه وقوله تعالى «بل لا يشعرون» عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أي كلا لا نفعل ذلك بل هم لا يشعرون بشيء أصلا كالبهائم لا فطنة لهم ولا شعور ليتأملوا ويعرفوا أن ذلك الإمداد استدراج لهم واستجرار إلى زيادة الإثم وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات وقرئ بمدهم على الغيبة وكذلك يسارع ويسرع ويحتمل أن يكون فيهما ضمير الممد به وقرئ يسارع مبنيا للمفعول «إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون» استئناف مسوق لبيان من له المسارعة في الخيرات إثر إقناط الكفار عنها وإبطال حسبانهم الكاذب أي من خوف عذابه حذرون
(١٣٩)