تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٣٨
وهو النفع لأنه نفاع أو مفعول من عانه إذا أدركه بالعين فإنه لظهوره يدرك بالعيون وصف ماؤها بذلك للإيذان بكونه جامعا لفنون المنافع من الشرب وسقى ما يسقى من الحيوان والنبات بغير كلفة والتنزه بمنظره الموفق «يا أيها الرسل كلوا من الطيبات» حكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه الإجمال لما خوطب به كل رسول في عصره جيء بها إثر حكاية إيواء عيسى عليه السلام وأمه إلى الربوة إيذانا بأن ترتيب مبادئ التنعم لم يكن من خصائصه عليه السلام بل إباحة الطيبات شرع قديم جرى عليه جميع الرسل عليهم السلام ووصوا به أي وقلنا لكل رسول كل من الطيبات واعمل صالحا فعبر عن تلك الأوامر المتعددة المتعلقة بالرسل بصيغة الجمع عند الحكاية إجمالا للإيجاز وفيه من الدلالة على بطلان ما عليه الرهابنة من رفض الطيبات ما لا يخفى وقيل حكاية لما ذكر لعيسى عليه السلام وأمه عند إيوائهما إلى الربوة ليقتديا بالرسل في تناول ما رزقا وقيل نداء وخطاب له والجمع للتعظيم وعن الحسن ومجاهد وقتادة والسدي والكلبي رحمهم الله تعالى أنه خطاب لرسول الله صلى لله عليه وسلم وحده على دأب العرب في مخاطبة الواحد بلفظ الجمع وفيه إبانة لفضله وقيامه مقام الكل في حيازة كما لا تهتم والطيبات ما يستطاب ويستلذ من مباحات المأكل والفواكه حسبما ينبئ عنه سياق النظم الكريم فالأمر للترفيه «واعملوا صالحا» أي عملا صالحا فإنه المقصود منكم والنافع عند ربكم «إني بما تعملون» من الأعمال الظاهرة والباطنة «عليم» أجازيكم عليه «وإن هذه» استئناف داخل فيما خوطب به الرسل عليهم السلام على الوجه المذكور مسوق لبيان أن ملة الإسلام والتوحيد مما أمر به كافة الرسل عليهم السلام والأمم وإنما أشير إليها بهذه للتنبيه على كمال ظهور أمرها في الصحة والسداد وانتظامها بسبب ذلك في سلك الأمور المشاهدة «أمتكم» أي ملتكم وشريعتكم أيها الرسل «أمة واحدة» أي ملة وشريعة متحدة في أصول الشرائع التي لا تتبدل بتبدل الأعصار وقيل هذه إشارة إلى الأمم المؤمنة للرسل والمعنى إن هذه جماعتكم جماعة واحدة متفقة على الإيمان والتوحيد في العبادة «وأنا ربكم» من غير أن يكون لي شريك في الربوبية وضمير المخاطب فيه وفي قوله تعالى «فاتقون» أي في شق العصا والمخالفة بالإخلال بمواجب ما ذكر من اختصاص الربوبية بي للرسل والأمم جميعا على أن الأمر في حق الرسل للتهييج والإلهاب وفي حق الأمم للتحذير والإيجاب والفاء لترتيب الأمر أو وجوب الامتثال به على ما قبله من اختصاص الربوبية به تعالى واتحاد الأمة فإن كلا منهما موجب للاتقاء حتما وقرئ وأن هذه بفتح الهمزة على حذف اللام أي ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون أي إن تتقون فاتقون كما مر في قوله تعالى وإياي فارهبون وقيل على العطف على ما أي إني عليم بأن أمتكم أمة الخ وقيل على حذف فعل عامل فيه أي واعلموا أن هذه أمتكم الخ وقرئ وإن هذه على أنها مخففة من إن
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300