«فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة» لما ندر منهم من الذنوب «ورزق كريم» هي الجنة والكريم من كل نوع ما يجمع فصائله ويجوز كما لأنه «والذين سعوا في آياتنا معاجزين» أي سابقين أو مسابقين في زعمهم وتقديرهم طامعين أن كيدهم للإسلام يتم لهم وأصله من عاجزه وعجزه فأعجزه إذا سابقه فسبقه لأن كلا من المتسابقين يريد إعجاز الآخر عن اللحاق به وقرئ معجزين أي مثبطين الناس عن الإيمان على أنه حال مقدرة «أولئك» الموصوفون بما ذكر من السعي والمعاجزة «أصحاب الجحيم» أي ملازمو النار الموقدة وقيل هو اسم دركة من دركاتها «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي» الرسول من بعثه الله تعالى بشريعة جديدة يدعو الناس إليها والنبي يعمه ومن بعثه لتقرير شريعة سابقة كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام ولذلك شبه صلى الله عليه وسلم علماء أمته بهم فالنبي أعم من الرسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الأنبياء فقال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قيل فكم الرسل منهم فقال ثلاثمائة وثلاثة عشر جماء غفيرا وقيل الرسول من جمع إلى المعجزة كتابا منزلا عليه والنبي غير الرسول من لا كتاب له وقيل الرسول من يأتيه الملك بالوحي والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام «إلا إذا تمنى» أي هيأ في نفسه ما يهواه «ألقى الشيطان في أمنيته» في تشهيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا كما قال صلى الله عليه وسلم وإنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم سعين مرة «فينسخ الله ما يلقي الشيطان» فيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون إليه وإرشاده إلى ما يزيحه «ثم يحكم الله آياته» أي يثبت آياته الداعية إلى الاستغراق في شؤون الحق وصيغة المضارع في الفعلين للدلالة على الاستمرار التجددي وإظهار الجلالة في موقع الإضمار لزيادة التقرير والإيذان بأن الألوهية من موجبات إحكام آياته الباهرة «والله عليم» مبالغ في العلم بكل ما من شأنه أن يعلم ومن جملته ما صدر عن العباد من قول وفصل عمدا أو خطأ «حكيم» في كل ما يفعل والإظهار ههنا أيضا لما كر مع ما فيه من تأكيد استقلال الاعتراض التذييلي قيل حدث نفسه بزوال المسكنة فنزلت وقيل تمنى لحرصه على إيمان قومه أن ينزل عليه ما يقربهم إليه واستمر به ذلك حتى كان في ناديهم فنزلت عليه سورة النجم فأخذ يقرؤها فلما بلغ ومناة الثالثة الأخرى وسوس إليه الشيطان حتى سبق لسانه سهوا إلى أن قال تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ففرح به المشركون حتى شايعوه بالسجود لما سجد في آخرها بحيث لم يبق في المسجد مؤمن ولا مشرك إلا سجد ثم نبهه جبريل عليه السلام فاغتنم به فعزاه الله عز وجل بهذه الآية وهو مردود عند المحققين ولئن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه وقيل
(١١٣)