صحف فيها علم «وكان أبوهما صالحا» تنبيه على أن سعيه في ذلك كان لصلاحه قيل كان بينهما وبين الأب الذي حفظا فيه سبعة آباء «فأراد ربك» أي مالكك ومدبر أمورك ففي إضافة الرب إلى ضمير موسى عليه الصلاة والسلام دون ضميرهما تنبيه له عليه الصلاة والسلام على تحتم كمال الانقياد والاستسلام لإرادته سبحانه ووجوب الاحتراز عن المناقشة فيما وقع بحسبها من الأمور المذكورة «أن يبلغا أشدهما» أي حلمهما وكما رأيهما «ويستخرجا» بالكلية «كنزهما» من تحت الجدار ولولا أنى أقمته لا نقض وخرج الكنز من تحته قبل اقتدارهما على حفظ المال وتنميته وضاع «رحمة من ربك» مصدر في موقع الحال أي مرحومين منه عز وجل أو مفعول له أو مصدر مؤكد لأراد فإن إرادة الخير رحمة وقيل متعلق بمضمر أي فعلت ما فعلت من الأمور التي شاهدتها رحمة من ربك ويعضده إضافة الرب إلى ضمير المخاطب دون ضميرهما فيكون قوله عز وعلا «وما فعلته عن أمري» أي عن رأيي واجتهادي تأكيد لذلك «ذلك» إشارة إلى العواقب المنظومة في سلك البيان وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد درجتها في الفخامة «تأويل ما لم تسطع» أي لم تستطع فحذف التاء للتخفيف «عليه صبرا» من الأمور التي رابته أي مآله وعاقبته فيكون إنجازا للتنبئة الموعودة أو إلى البيان نفسه فيكون التأويل بمعناه وعلى كل حال فهو فذلكة لما تقدم وفي جعل الصلة عين ما مر تكرير للتنكير وتشديد للعتاب تنبيه اختلفوا في حياة الخضر عليه الصلاة والسلام فقيل إنه حي وسببه إنه كان على مقدمة ذي القرنين فلما دخل الظلمات أصاب الخضر عين الحياة فنزل واغتسل منها وشرب من مائها وأخطأ ذو القرنين الطريق فعاد قالوا وإلياس أيضا في الحياة يلتقيان كل سنة بالموسم وقيل إنه ميت لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء ذات ليلة ثم قال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد ولو كان الخضر حينئذ حيا لما عاش بعد مائة عام روى أن موسى عليه الصلاة والسلام لما أراد أن يفارقه قال أوصني قال لا تطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به «ويسألونك عن ذي القرنين» هم اليهود سألوه على وجه الامتحان أو سأله قريش بتلقينهم وصيغة الاستقبال للدلالة على استمرارهم على ذلك إلى ورود الجواب وهو ذو القرنين الأكبر واسمه الإسكندر ابن فيلفوس اليوناني وقال ابن إسحاق اسمه مر زبان بن مردبه من ولد يافث بن نوح عليه الصلاة والسلام وكان أسود وقيل اسمه عبد الله بن الضحاك وقيل مصعب بن عبد الله بن الضحاك وقيل مصعب بن عبد الله بن فينان بن منصور بن عبد الله بن الآزر بن عون بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان وقال السهيلي قيل إن اسمه مرزبان بن مدركة ذكره ابن هشام وهو أول التبابعة وقيل إنه افريذون بن النعمان الذي قتل الضحاك وذكر أبو الريحان البيروتي في كتابه المسمى بالآثار الباقية عن القرون الخالية أن ذا القرنين هو أبو كرب سمى ابن عيرين بن افريقيس الحميري وأن ملكه بلغ مشارق الأرض ومغاربها وهو الذي افتخر به التبع اليماني حيث قال * قد كان ذو القرنين جدى مسلما * ملكا علا في الأرض غير مفند * بلغ المشارق والمغارب يبتغي * أسباب أمر من حكيم مرشد * وجعل هذا القول أقرب لأن الأذواء كانوا من اليمن كذي المنار وذي نواس وذي النون وذي
(٢٣٩)