«وربك» مبتدأ وقوله تعالى «الغفور» خبره وقوله تعالى «ذو الرحمة» أي الموصوف بها خبر بعد خبر وإيراد المغفرة على صيغة المبالغة دون الحرمة للتنبيه على كثرة الذنوب ولأن المغفرة ترك المضار وهو سبحانه قادر على ترك ما لا يتناهى من العذاب وأما الرحمة فهي فعل وإيجاد ولا يدخل تحت الوجود إلا ما يتناهى وتقديم الوصف الأول لأن التخلية قبل التحلية أو لأنه أهم بحسب الحال إذا المقام مقام بيان تأخر العقوبة عنهم بعد استيجابهم لها كما يعرب عنه قوله عز وجل «لو يؤاخذهم» أي لو يريد مؤاخذتهم «بما كسبوا» من المعاصي التي من جملتها ما حكى عنهم من مجادلتهم بالباطل وإعراضهم عن آيات ربهم وعدم المبالاة بما اجترحوا من الموبقات «لعجل لهم العذاب» لاستيجاب أعمالهم لذلك وإيثار المؤاخذة المنبئة عن شدة الأخذ بسرعة على التعذيب والعقوبة ونحوهما للإيذان بأن النفي المستفاد من مقدم الشرطية متعلق بوصف السرعة كما ينبئ عنه تاليها وإيثار صيغة الاستقبال وإن كان المعنى على المضي لإفادة أن انتفاء تعجيل العذاب لهم بسبب استمرار عدم إرادة المؤاخذة فإن المضارع الواقع موقع الماضي يفيد استمرار انتفاء الفعل فيما مضى كما حقق في موضعه «بل لهم موعد» اسم زمان هو يوم بدر أو يوم القيامة والجملة معطوفة على مقدر كأنه قيل لكنهم ليسوا بمؤاخذين بغتة «لن يجدوا» البتة «من دونه موئلا» منجي أو ملجأ يقال وأل أي نجا ووأل إليه أي لجأ إليه «وتلك القرى» أي قرى عاد وثمود وأضرابها وهي مبتدأ على تقدير المضاف أي وأهل تلك القرى خبره قوله تعالى «أهلكناهم» أو مفعول مضمر مفسر به «لما ظلموا» أي وقت ظلمهم كما فعلت قريش بما حكى عنهم من القبائح وترك المفعول إما لتعميم الظلم أو لتنزيله منزلة اللازم أي لما فعلوا الظلم ولما إما حرف كما قال ابن عصفور وإما ظرف استعمل للتعليل وليس المراد به الوقت المعين الذي عملوا فيه الظلم بل زمان ممتد من ابتداء الظلم إلى آخره «وجعلنا لمهلكهم» أي عينا لهلاكهم «موعدا» أي وقتا معينا لا محيد لهم عن ذلك وهذا استشهاد على ما فعل بقريش من تعيين الموعد ليتنبهوا لذلك ولا يغتروا بتأخر العذاب وقرئ بضم الميم وفتح اللام أي إهلاكهم وبفتحهما «وإذ قال موسى» نصب بإضمار فعل أي اذكر وقت قوله عليه السلام «لفتاه» وهو يوشع بن نون بن أفرايم بن يوسف عليه السلام سمى فتاه إذ كان يخدمه ويتبعه وقيل كان يتعلم منه ويسمى التلميذ فتى وإن كان شيخا ولعل المراد بتذكيره عقيب بيان أن لكل أمة موعدا تذكير ما في القصة من موعد الملاقاة مع ما فيها من سائر المنافع الجليلة «لا أبرح» من برح الناقص كزال يزال أي لا أزال أسير فحذف الخبر اعتمادا على
(٢٣١)