تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٢٦
وأما ما مر من المال والبنين فليس لصاحبه أملا يناله وتكرير خير للإشعار باختلاف حيثية الخيرية والمبالغة فيها «ويوم نسير الجبال» منصوب بمضمر أي اذكر حين نقلعها من أماكنها ونسيرها في الجو على هيئاتها كما ينبئ عنه قوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب أو نسير أجزاءها بعد أن نجعلها هباء منبثا والمراد بتذكيره تحذير المشركين مما فيه من الدواهي وقيل هو معطوف على ما قبله من قوله تعالى «عند ربك» أي الباقيات الصالحات خير عند الله ويوم القيامة وقرئ تسير على صيغة البناء للمفعول من التفعيل جريا على سنن الكبرياء وإيذانا بالاستغناء عن الإسناد إلى الفاعل لتعينه وقرئ تسير «وترى الأرض» أي جميع جوانبها والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يتأتى منه الرؤيا وقرئ ترى على صيغة البناء للمفعول «بارزة» أما بروز ما تحت الجبال فظاهر وأما ما عاداه فكانت الجبال تحول بينه وبين الناظر قبل ذلك فالآن أضحى قاعا صفصفا لنرى فيها ولا أمة «وحشرناهم» جمعناهم إلى الموقف من كل أوب وإيثار صيغة الماضي بعد نسير وترى للدلالة على تحقق الحشر المتفرع على البعث الذي ينكره المنكرون وعليه يدور أمر الجزاء وكذا الكلام فيما عطف عليه منفيا وموجبا وقيل هو للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير والبروز ليعاينوا تلك الأهوال كأنه قيل وحشرناهم قبل ذلك «فلم نغادر» أي لم نترك «منهم أحدا» يقال غادره وأغدره إذا تركه ومنه الغدر الذي هو ترك الوفاء والغدير الذي هو ماء يتركه السيل في الأرض الغائرة وقرئ بالياء وبالفوقانية على إسناد الفعل إلى ضمير الأرض كما في قوله تعالى وألقت ما فيها وتخلت «وعرضوا على ربك» شبهت حالهم بحال جند عرضوا على السلطان ليأمر فيهم بما يأمر وفي الالتفات إلى الغيبة وبناء الفعل للمفعول مع التعرض لعنوان الربوبية والإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من تربية المهابة والجري على سنن الكبرياء وإظهار اللطف به صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى «صفا» أي غير متفرقين ولا مختلطين فلا تعرض فيه لوحدة الصف وتعدده وقد ورد في الحديث الصحيح يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد صفوفا «لقد جئتمونا» على إضمار القول على وجه يكون حالا من ضمير عرضوا أي مقولة لهم أو وقلنا لهم وأما كونه عاملا في يوم نسير كما قيل فبعيد من جزالة التنزيل الجليل كيف لا ويلزم منه أن هذا القول هو المقصود بالأصالة دون سائر القوارع مع أنه خاص التعلق بما قبله من العرض والحشر دون تسيير الجبال وبروز الأرض «كما خلقناكم» نعت لمصدر مقدر أي مجيئا كائنا مجيئكم عند خلقنا لكم «أول مرة» أوحال من ضمير جئتمونا أي كائنين كما خلقناكم أول مرة حفاة عراة غرلا أو ما معكم شيء مما تفتخرون به من الأموال والأنصار كقوله تعالى «ولقد جئتمونا» فرادى «كما خلقناكم أول مرة» وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم «بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا» إضراب وانتقال من كلام إلى كلام كلاهما للتوبيخ
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272