تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢١٧
ذلك» الشيء «غدا» أي فيما يستقبل من الزمان مطلقا فيدخل فيه الغد دخولا أوليا فإنه نزل حين قالت اليهود لقريش سلوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وذي القرنين فسألوه صلى الله عليه وسلم فقال ائتوني غدا أخبركم ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه وكذبته قريش وما قيل من أن المدلول بالعبارة هو الغد وما بعد ذلك مفهوم بطريق دلالة النص يرده أن ما بعده ليس بمعناه في مناط النهي فإن وسعة المجال دليل القدرة فليتأمل «إلا أن يشاء الله» استثناء مفرغ من النهي أي لا تقولن ذلك في حال من الأحوال إلا حال ملابسته بمشيئته تعالى على الوجه المعتاد وهو أن يقال إن شاء الله أو في وقت من الأوقات إلا وقت أن يشاء الله أن تقوله لا مطلقا بل مشيئته إذن مشيئته إذن فإن النسيان أيضا بمشيئته تعالى ولا مساغ لتعليقه بفاعل لعدم سداد استثناء اقتران المشيئة بالفعل ومنافاة استثناء اعتراضها النهي وقيل الاستثناء جار مجرى التأييد كأنه قيل لا تقولنه أبدا كقوله تعالى وما كان لنا أن نعود فهيا إلا أن يشاء الله «واذكر ربك» بقولك إن شاء الله مداركا له «إذا نسيت» إذا فرط منك نسيان ثم ذكرته وعن ابن عباس رضي الله عنهما ولو بعد سنة ما لم يحث ولذلك جوز تأخير الاستثناء وعامة الفقهاء على خلافه إذ لو صح ذلك لما تقرر إقرار ولا طلاق ولا عتاق ولم يعلم صدق ولا كذب قال القرطبي هذا في تدارك التبرك والتخلص عن الإثم وأما الاستثناء المغير للحكم فلا يكون إلا متصلا ويجوز أن يكون المعنى واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت الاستثناء مبالغة في الحث عليه أو اذكر ربك وعقابه إذا تركت بعض ما أمرك به ليبعثك ذلك على التدارك أو اذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسي وقد حمل على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها «وقل عسى أن يهدين ربي» أي يوفقني «لأقرب من هذا» أي لشيء أقرب وأظهر من نبأ أصحاب الكهف من الآيات والدلائل الدالة على نبوتي «رشدا» أي إرشادا للناس ودلالة على ذلك وقد فعل عز وجل ذلك حيث آتاه من البينات ما هو أعظم من ذلك وأبين كقصص الأنبياء المتباعد أيامهم والحوادث النازلة في الأعصار المستقبلة إلى قيام الساعة أو لأقرب رشدا وأدنى خبرا من المنسي «ولبثوا في كهفهم» أحياء مضروبا على آذانهم «ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا» وهي جملة مستأنفة مبينة لما أجمل فيما سلف وأشير إلى عزة مناله وقيل إنه حكاية كلام أهل الكتاب فإنهم اختلفوا في مدة لبثهم كما اختلفوا في عدتهم فقال بعضهم هكذا وبعضهم ثلاثمائة وروى عن علي رضي الله عنه أنه قال عند أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة شمسية والله تعالى ذكر السنة القمرية والتفاوت بنيهما في كل مائة سنة ثلاث سنين فيكون ثلاثمائة وتسع سنين وسنين عطف بيان ثلاثمائة وقيل بدل وقرئ على الإضافة وضعا للجمع موضع المفرد ومما يحسنه ههنا أن علامة الجمع فيه جبر
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272