تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٣٣
سفرنا هذا» إشارة إلى ما سارا بعد مجاوزة الموعد «نصبا» تعبا وإعياء قيل لم ينصب ولم يجمع قبل ذلك والجملة في محل التعليل للأمر بإيتاء الغداء إما باعتبار أن النصب إنما يعترى بسب الضعف الناشئ عن الجوع وإما باعتبار ما في أثناء التغدي من استراحة ما «قال» أي فتاه عليه السلام «أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة» أي التجأنا إليها وأقمنا عندها وذكر الإواء إليها مع أن المذكور فيما سبق مرتين بلوغ مجمع البحرين لزيادة تعيين محل الحادثة فإن المجمع محل متسع لا يمكن تحقيق المراد المذكور بنسبة الحادثة إليه ولتمهيد العذر فإن الأواء إليها والنوم عندها مما يؤدي إلى النسيان عادة والرؤية مستعارة للمعرفة التامة والمشاهدة الكاملة ومراده بالاستفهام تعجيب موسى عليه السلام مما اعتراه هناك من النسيان مع كون ما شاهده من العظائم التي لا تكاد تنسى وقد جعل فقدانه علامة لوجدان المطلوب وهذا أسلوب معتاد فيما بين الناس يقول أحدهم لصاحبه إذا نابه خطب أرأيت ما نابني يريد بذلك تهويله وتعجيب صاحبه منه وأنه مما لا يعهد وقوعه لا استخباره عن ذلك كما قيل والمفعول محذوف اعتمادا على ما يدل عليه من قوله عز وجل «فإني نسيت الحوت» وفيه تأكيد للتعجيب وتربية لاستعظام المنسي وإيقاع النسيان على اسم الحوت دون ضمير الغداء مع أنه المأمور بإتيانه للتنبيه من أول الأمر على أنه ليس من قبيل نسيان المسافر زاده في المنزل وأن ما شاهده ليس من قبيل الأحوال المتعلقة بالغداء من حيث هو غداء وطعام بل من حيث هو حوت كسائر الحيتان مع زيادة أي نسيت أن أذكر لك أمره وما شاهدت منه من الأمور العجيبة «وما أنسانيه إلا الشيطان» بوسوسته الشاغلة عن ذلك وقوله تعالى «أن أذكره» بدل اشتمال من الضمير أي ما أنساني أن أذكره لك وفي تعليق الإنساء بضمير الحوت أولا وبذكره له ثانيا على طريق الإبدال المنبئ عن تنحية المبدل منه إشارة إلى أن متعلق النسيان أيضا ليس نفس الحوت بل ذكر أمره وقرئ أن أذكره وإيثار أن أذكره على المصدر للمبالغة فإن مدلوله نفس الحدث عند وقوعه والحال وإن كانت غريبة لا يعهد نسيانها لكنه لما تعود بمشاهدة أمثالها عند موسى عليه السلام وألفها قل اهتمامه بالمحافظة عليها «واتخذ سبيله في البحر عجبا» بيان لطرف من أمر الحوت منبئ عن طرف آخر منه وما بينهما اعتراض قدم عليه للاعتناء بالاعتذار كأنه قيل حيي واضطرب ووقع في البحر واتخذ سبيله فيه سبيلا عجبا فعجبا ثاني مفعولي اتخذ والظرف حال من أولهما أو ثانيهما أو هو المفعول الثاني وعجبا صفة مصدر محذوف أي اتخاذا عجبا وهو كون مسلكه كالطاق والسرب أو مصدر فعل محذوف أي أتعجب منه عجبا وقد قيل إنه من كلام موسى عليه الصلاة والسلام وليس بذاك «قال» أي موسى عليه الصلاة والسلام «ذلك» الذي ذكرت من أمر الحوت «ما كنا
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272