تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٢٥
الأرض» فالتف وخالط بعضه بعضا من كثرته وتكاثفه أو نجع الماء في النبات حتى رو ورف فمقتضى الظاهر حينئذ فاختلط بنبات الأرض وإيثار ما عليه النظم الكريم عليه للمبالغة بالكثرة فإن كلا المختلطين موصوف بصفة صاحبه «فأصبح» ذلك النبات الملتف أثر بهجتها ورفيفها «هشيما» مهشوما مكسورا «تذروه الرياح» تفرقه وقرئ تذريه من أذراه وتذروه الريح وليس المشبه به نفس الماء بل هو الهيئة المنتزعة من الجملة وهي حال النبات المنبت بالماء يكون أخضر وارفا ثم هشيما تطيره الرياح كأن لم يغن بالأمس «وكان الله على كل شيء» من الأشياء التي من جملتها الإنشاء والإفناء «مقتدرا» قادرا على الكمال «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» بيان لشأن ما كانوا يفتخرون به من محسنات الحياة الدنيا كما قال الأخ الكافر أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا أثر بيان شأن نفسها بما مر من المثل وتقديم المال على البنين مع كونهم أعز منه كما في الآية المحكية آنفا وقوله تعالى «وأمددناكم بأموال وبنين» وغير ذلك من الآيات الكريمة لعراقته فيما نيط به من الزينة والإمداد وغير ذلك وعمومه بالنسبة إلى الأفراد والأوقات فإنه زينة وممد لكل أحد من الآباء والبنين في كل وقت وحين وأما البنون فزينتهم وإمدادهم إنما يكون بالنسبة إلى من بلغ مبلغ الأبوة ولأن المال مناط لبقاء النفس والبنين لبقاء النوع ولأن الحاجة إليه أمس من الحاجة إليهم ولأنه أقدم منهم في الوجود ولأنه زينة بدونهم من غير عكس فإن من له بنون بلا مال فهو في ضيق حال ونكال وإفراد الزينة مع أنها مسندة إلى الاثنين لما أنها مصدر في الأصل أطلق على المفعول مبالغة كأنهما نفس الزينة والمعنى أن ما يفتخرون به من المال والبنين شيء يتزين به في الحياة الدنيا وقد علم شأنها في سرعة الزوال وقرب الاضمحلال فكيف بما هو من أوصافها التي شأنها أن تزول قبل زوالها «والباقيات الصالحات» هي أعمال الخير وقيل هي في الصلوات الخمس وقيل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وقيل كل ما أريد به وجه الله تعالى وعلى كل تقدير يدخل فيها أعمال فقراء المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه دخولا أوليا أما صلاحها فظاهر وأما بقاؤها فبقاء عوائدها عند فناء كل ما تطمح إليه النفس من حظوظ الدنيا «خير» أي مما نعت شأنه من المال والبنين وإخراج بقاء تلك الأعمال وصلاحها مخرج الصفات المفروغ عنها مع أن حقهما أي يكون مقصودى الإفادة لا سيما في مقابلة إثبات الفناء لما يقابلها من المال والبنين على طريقة قوله تعالى ما عندكم ينفذ وما عند الله باق للإيذان بأن بقاؤها أمر محقق لا حاجة إلى بيانه بل لفظ الباقيات اسم له وصف ولذلك لم يذكر الموصوف وإنما الذي يحتاج إلى التعرض له خيرتها «عند ربك» أي في الآخرة وهو بيان لما يظهر فيه آثار خيرتها بمنزلة إضافة الزينة إلى الحياة الدنيا لا لأفضليتها فيها من المال والبنين مع مشاركة الكل في الأصل إذ لا مشاركة لهما في الخيرية في الآخرة «ثوابا» عائدة تعود إلى صاحبها «وخير أملا» حيث ينال بها صاحبها في الآخرة كل ما كان يؤمله في الدنيا
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272