تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٠
يسوق بها السحاب وعن الحسن خلق من خلق الله تعالى ليس بملك «والملائكة» أي يسبح الملائكة «من خيفته» من هيبته واجلاله جل جلاله وقيل الضمير للرعد «ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء» فيهلكه بذلك «وهم» أي الكفرة المخاطبون في قوله تعالى «هو الذي يريكم البرق» وقد التفت إلى الغيبة ايذانا بإسقاطهم عن درجة الخطاب وإعراضا عنهم وتعديدا لجناياتهم لدى كل من يستحق الخطاب كأنه قيل هو الذي يفعل أمثال هذه الأفاعيل العجيبة من إراءة البرق وإنشاء السحاب الثقال وإرسال الصواعق الدالة على كمال علمه وقدرته ويعقلها من يعقلها من المؤمنين أو الرعد نفسه أو الملك الموكل به والملائكة ويعملون بموجب ذلك من التسبيح والحمد والخوف من هيبته تعالى وهم أي الكفرة الذين حكيت هناتهم مع ذلهم وهوانهم وحقارة شأنهم «يجادلون في الله» أي في شأنه تعالى حيث يفعلون ما يفعلون من إنكار البعث واستعجال العذاب استهزاء واقتراح الآيات فالواو لعطف الجملة على ما قبلها من قوله تعالى «هو الذي يريكم البرق» الخ أو على قوله «الله يعلم ما تحمل» الخ وأما العطف على قوله تعالى «ويقول الذين كفروا» كما قيل فلا مجال له لأن قوله تعالى الله يعلم الخ استئناف لبيان بطلان قولهم ذلك ونظائره من استعجال العذاب وإنكار البعث قاطع لعطف ما بعده على ما قبله وقيل للحال أي فيصيب بالصواعق من يشاء وهم في الجدال وقد أريد به ما أصاب أربد بن ربيعه أخا لبيد فإنه أقبل مع عامر بن الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغيانه الغوائل فدخلا المسجد وهو عليه الصلاة والسلام جالس في نفر من الأصحاب رضي الله عنهم فاستشرفوا الجمال عامر وكان من أجمل الناس وقد كان أوصى إلى أربد أنه إذا رأيتني أكلم محمدا صلى الله عليه وسلم فدر من خلفه واضربه بالسيف فجعل يكلمه صلى الله عليه وسلم فدار أربد من خلفه صلى الله عليه وسلم فاخترط من سيفه شبرا فحبسه الله تعالى فلم يقدر على سله وجعل عامر يومىء إليه فرأى النبي صلى الله عليه وسلم الحال فقال اللهم اكفنيهما بما شئت فأرسل الله عز وجل على أربد صاعقة في يوم صحو صائف فأحرقته وولى عامر هاربا فنزل في بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم عليه سلاحه وتغير لونه وركب فرسه فجعل يركض في الصحراء ويقول ابرز يا ملك الموت ويقول الشعر ويقول واللات لئن أصحر لي محمد وصاحبه يعني ملك الموت لأنفذتهما برمحي فأرسل الله تعالى ملكا فلطمه بجناحه فأرداه في التراب فخرجت على ركبته في الوقت غدة عظيمة فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول غرة كغرة البعير وموت في بيت سلولية ثم دعا بفرسه فركبه فأجراه حتى مات على ظهره وقيل أريد به ما روى عن الحسن أنه كان رجل من طواغيت العرب فبعث النبي صلى الله عليه وسلم نفرا من أصحابه يدعونه إلى الله عز وجل فقال لهم أخبروني عما تدعونني إليه ما هو ومم هو من ذهب أم من فضة أم من نحاس أم من حديد أم من در فاستعظموا مقالته فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ما رأينا رجلا أكفر قلبا ولا أعتى على الله منه فقال صلى الله عليه وسلم ارجعوا اليه فرجعوا إليه فما زاد إلا مقالته الأولى وأخبث فرجعوا إليه صلى الله عليه وسلم وأخبروه بما صنع فقال صلى الله عليه وسلم ارجعوا إليه فرجعوا فبينما هم عنده ينازعونه إذ ارتفعت سحابة ورعدت وبرقت ورمت بصاعقة فاحترق الكافر فجاءوا يسعون ليخبروه صلى الله عليه وسلم بالخبر فاستقبلهم الأصحاب فقالوا احترق صاحبكم قالوا من أين علمتم قالوا أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم «وهو شديد المحال» أي والحال أنه شديدا لمما حلة والمكابرة والمماكرة لأعدائه من محله إذا كاده وعرضه للهلاك ومنه تمحل إذا تكلف استعمال الحيل وقيل هو محال من
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272