تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٣
وجوب أن يترتب عليه نقيضه كما إذا قدر أتسمعون والمعنى أبعد أن علمتم أن ربهما هو الله جل جلاله اتخذتم من دونه أولياء عجزة والحال أن قضية العلم بذلك إنما هو الاقتصار على توليه فعكستم الأمر كما في قوله تعالى كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ووصف الأولياء ههنا بعدم المالكية للنفع والضر في ترشيح الإنكار وتأكيده كتقييد الاتخاذ هناك بالجملة الحالية أعنى قوله تعالى «وهم لكم عدو» فان كلا منهما مما ينفي الاتخاذ المذكور ويؤكد إنكاره «قل» تصويرا لآرائهم الركيكة بصورة المحسوس «هل يستوي الأعمى» الذي هو المشرك الجاهل بالعبادة ومستحقها «والبصير» الذي هو الموحد العالم بذلك أو الأول عبارة عن المعبود الغافل والثاني إشارة إلى المعبود العالم بكل شيء «أم هل تستوي الظلمات» التي هي عبارة عن الكفر والضلال «والنور» الذي هو عبارة عن التوحيد والإيمان وقرئ بالياء ولما دل النظم الكريم على أن الكفر فيما فعلوا من اتخاذ الأصنام أولياء من دون الله سبحانه في الضلال المحض والخطأ البحت بحيث لا يخفى بطلانه على أحد وأنهم في ذلك كالأعمى الذي لا يهتدي إلى شيء أصلا وليس لهم في ذلك شبهة تصلح أن تكون منشأ لغلطهم وخطئهم فضلا عن الحجة أكد ذلك فقيل «أم جعلوا لله» أي بل اجعلوا له «شركاء خلقوا كخلقه» سبحانه والهمزة لإنكار الوقوع لا لإنكار الواقع مع وقوعه وقوله خلقوا كخلقه هو الذي يتوجه إليه الإنكار وأما نفس الجعل فهو واقع لا يتعلق به الإنكار بهذا المعنى والمعنى أنهم لم يجعلوا لله تعالى شركاء خلقوا كخلقه «فتشابه الخلق عليهم» بسبب ذلك وقالوا هؤلاء خلقوا كخلقه تعالى فاستحقوا بذلك العبادة كما استحقها ليكون ذلك منشأ لخطئهم بل إنما جعلوا له شركاء ما هو بمعزل من ذلك بالمرة وفيه ما لا يخفى من التعريض بركاكة رأيهم والتهكم بهم «قل» تحقيقا للحق وإرشادا لهم إليه «الله خالق كل شيء» كافة لا خالق سواه فيشاركه في استحقاق العبادة «وهو الواحد» المتوحد بالألوهية المتفرد بالربوبية «القهار» لكل ما سواه فكيف يتوهم أن يكون له شريك وبعد مثل المشرك والشرك بالأعمى والظلمات والموحد والتوحيد بالبصير والنور مثل الحق الذي هو القرآن العظيم في فيضانه من جناب القدس على قلوب خالية عنه متفاوتة الاستعداد وفي جريانه عليها ملاحظة وحفظا وعلى الألسنة مذاكرة وتلاوة وفي ثباته فيهما مع كونه ممدا لحياتها الروحانية وما يتلوها من الملكات السنية والأعمال المرضية بالماء النازل من السماء السائل في أودية يابسة لم تجر عادتها بذلك سيلانا مقدرا بمقدار اقتضته الحكمة في إحياء الأرض وما عليها الباقي فيها حسبما يدور عليه منافع الناس وفي كونه حلية تتحلى به النفوس وتصل إلى البهجة الأبدية ومتاعا يتمتع به في المعاش والمعاد بالذهب والفضة وسائر الفلزات التي يتخذ منها أنواع الآلات والأدوات وتبقى منتفعا بها مدة طويلة ومثل الباطل الذي ابتلى به الكفرة لقصور نظرهم بما يظهر فيهما من غير مداخلة له فيهما واخلال بصفائهما من الزبد الرابي فوقهما المضمحل سريعا فقيل
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272