تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٢
وجل وانقيادهم لإحداث ما أراده فيهم من أحكام التكوين والإعدام شاءوا أو أبوا وعدم مداخلة حكم غيره بل غير حكمه تعالى في تلك الشؤون مما لا يخفى على أحد «وظلالهم» أي وتنقاد له تعالى ظلال من له ظل منهم أعني الإنس حيث تتصرف على مشيئته وتتأتى لإرادته في الامتداد والتقلص والفيء والزوال «بالغدو والآصال» ظرف السجود المقدر أو حال من الظلال وتخصيص الوقتين بالذكر مع أن انقيادها متحقق في جميع أوقات وجودها لظهور ذلك فيهما والغدو جميع غداة كفتى في جمع فتاة والآصال جمع أصيل وقيل جمع أصل وهو جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب وقيل الغدو مصدر ويؤيده أنه قرىء والإيصال أي الدخول في الأصيل هذا وقد قيل إن المراد حقيقة السجود فان الكفرة حال الاضطرار وهو المعنى بقوله تعالى وكرها يخصون السجود به سبحانه قال تعالى فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ولا يبعد أن يخلق الله تعالى في الظلال أفهاما وعقولا بها تسجد لله سبحانه كما خلقها للجبال حتى اشتغلت بالتسبيح وظهر فيها آثار التجلي كما قاله ابن الأنباري ويجوز أن يراد بسجودها ما يشاهد فيها من هيئة السجود تبعا لأصحابها وأنت خبير بأن اختصاص سجود الكافر حالة الضرورة والشدة بالله سبحانه لا يجدى فان سجودهم لأصنامهم حالة الرخاء تخل بالقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور فالوجه حمل السجود على الانقياد ولأن تحقيق انقياد الكل في الإبداع والإعدام له تعالى أدخل في التوبيخ على اتخاذ أولياء من دونه من تحقيق سجودهم له تعالى وتخصيص انقياد العقلاء بالذكر مع كون غيرهم أيضا كذلك لأنهم العمدة وانقيادهم دليل انقياد غيرهم على أنه بين ذلك بقوله عز وجل «قل من رب السماوات والأرض» فإنه لتحقيق أن خالقهما ومتولي أمرهما مع ما فيهما على الإطلاق هو الله سبحانه وقوله تعالى «قل الله» أمر بالجواب من قبله صلى الله عليه وسلم إشعارا بأنه متعين للجوابية فهو والخصم في تقريره سواء أو أمر بحكاية اعترافهم إيذانا بأنه أمر لا بد لهم من ذلك كأنه قيل أحك اعترافهم فبكتهم بما يلزمهم من الحجة وألقمهم الحجر أو أمر بتلقينهم ذلك إن تلعثموا في الجواب حذرا من الإلزام فإنهم لا يتمالكون إذ ذاك ولا يقدرون على إنكاره «قل » إلزاما لهم وتبكيتا «أفاتخذتم» لأنفسكم والهمزة لإنكار الواقع كما في قولك أضربت أباك لا لإنكار الوقوع كما في قولك أضربت أبي والفاء للعطف على مقدر بعد الهمزة أي أعلمتم أن ربهما هو الله الذي ينقاد لأمره من فيهما كافة فاتخذتم عقيبه «من دونه أولياء» عاجزين «لا يملكون لأنفسهم نفعا» يستجلبونه «ولا ضرا» يدفعونه عن أنفسهم فضلا عن القدرة على جلب النفع لغيره ودفع الضرر عنه لا على الإنكار متوجها إلى المعطوفين معا كما في قوله تعالى «أفلا تعقلون» إذا قدر المعطوف عليه ألا تسمعون بل إلى ترتب الثاني على الأول مع
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272