يراقبون أحوال من أجل أمر الله تعالى وقد قرىء به وقيل من بمعنى الباء وقيل من أمر الله صفة ثانية لمعقبات وقيل المعقبات الحراس والجلاوزة حول السلطان يحفظونه في توهمه من قضاء الله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم» من النعمة والعافية «حتى يغيروا ما بأنفسهم» من الأعمال الصالحة أو ملكاتها التي هي فطرة الله التي فطر الناس عليها إلى أضدادها «وإذا أراد الله بقوم سوءا» لسوء اختيارهم واستحقاقهم لذلك «فلا مرد له» فلا رد له والعامل في إذا ما دل عليه الجواب «وما لهم من دونه من وال» يلي أمرهم ويدفع عنهم السوء الذي أراده الله بهم بما قدمت أيديهم من تغيير ما بهم وفيه دلالة على أن تخلف مراده تعالى محال وإيذان بأنهم بما باشروه من إنكار البعث واستعجال السيئة واقتراح الآية قد غيروا ما بأنفسهم من الفطرة واستحقوا لذلك حلول غضب الله تعالى وعذابه «هو الذي يريكم البرق خوفا» من الصاعقة «وطمعا» في المطر فوجه تقديم الخوف على الطمع ظاهر لما أن المخوف عليه النفس أو الرزق العتيد والمطموع فيه الرزق المترقب وقيل الخوف أيضا من المطر لكن الخائف منه غير الطامع فيه كالخزاف والحراث ويأباه الترتيب إلا أن يتكلف ما أشير إليه من أن المخوف عتيد والمطموع فيه مترقب وانتصابهما إما على المصدرية أي فتخافون خوفا وتطمعون طمعا أو على الحالية من البرق أو المخاطبين باضمار ذوى أو بجعل المصدر بمعنى المفعول أو الفاعل مبالغة أو على العلية بتقدير المضاف أي إرادة خوف وطمع أو بتأويل الإخافة والإطماع ليتحد فاعل العلة والفعل المعلل وأما جعل المعلل هي الرؤية التي تتضمنها الإرادة على طريقة قول النابغة * وحلت بيوتي في يفاع ممنع * تخال به راعي الحمولة طائرا * حذارا على أن لا ينال معاوني * ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا * أي أحللت بيوتي حذارا فلا سبيل إليه لأن ما وقع في معرض العلة الغائبة لا سيما الخوف لا يصلح علة لرؤيتهم «وينشئ السحاب» الغمام المنسحب في الجو «الثقال» بالماء وهي جمع ثقيلة وصف بها السحاب لكونها اسم جنس في معنى الجمع والواحدة سحابة يقال سحابة ثقيلة وسحاب ثقال كما يقال امرأة كريمة ونسوة كرام «ويسبح الرعد» أي سامعوه من العباد الراجين للمطر ملتبسين «بحمده» أي يضجون بسبحان الله والحمد لله وإسناده إلى الرعد لحمله لهم على ذلك أو يسبح الرعد نفسه على أن تسبيحه عبارة عن دلالته على وحدانيته تعالى وفضله المستوجب لحمده وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول سبحان من يسبح الرعد بحمده وإذا اشتد يقول اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك وعن علي رضي الله عنه سبحان من سبحت له وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن اليهود سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد فقال ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخا ريق من نار
(٩)