تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٤
«أنزل من السماء» أي من جهتها «ماء» أي كثيرا أو نوعا منه وهو ماء المطر «فسالت» بذلك «أودية» واقعة في مواقعة لا جميع الأودية إذ الأمطار لا نستوعب الأقطار وهو جمع واد وهو مفرج بين جبال أو تلال أو آكام على الشذوذ كناد وأندية وناج وأنجية قالوا وجهه أن فاعلا يجيء بمعنى فعيل كناصر ونصير وشاهد وشهيد وعالم وعليم وحيث جمع فعيل على أفعلة كجريب وأجربة جمع فاعل أيضا على أفعلة فان أريد بها ما يسيل فيها مجازا فاسناد السيلان إليها حقيقي وان أريد معناها الحقيقي فالإسناد مجازى كما في جرى النهر وإيثار التمثيل بها على الأنهار المستمرة الجريان لوضوح المماثلة بين شأنها وشأن ما مثل بها كما أشير إليه «بقدرها» أي سالت ملتبسة بمقدارها الذي عينه الله تعالى واقتضته حكمته في نفع الناس أو بمقدارها المتفاوت قلة وكثرة بحسب تفاوت محالها صغرا وكبرا لا بكونها مالئة لها منطبقة عليها بل بمجرد قلتها بصغرها المستلزم لقلة موارد الماء وكثرتها بكبرها المستدعي لكثرة الموارد فأن مورد السيل الجاري في الوادي الصغير أقل من مورد السيل الجاري في الوادي الكبير هذا ان أريد بالأودية ما يسيل فيها أما أن أريد بها معناها الحقيقي فالمعنى سالت مياهها بقدر تلك الأودية على نحو ما عرفته آنفا أو يراد بضميرها مياهها بطريق الاستخدام ويراد بقدرها ما ذكر أولا من المعنيين «فاحتمل السيل» الجاري في تلك الأودية أي حمل معه «زبدا» أي غثاء ورغوة وانما وصف ذلك بقوله تعالى «رابيا» أي عاليا منتفخا فوقه بيانا لما أريد بالاحتمال المحتمل لكون الحميل غير طاف كالأشجار الثقيلة وانما لم يدفع ذلك الاحتمال بأن يقال فاحتمل السيل فوقه للإيذان بأن تلك الفوقية مقتضى شأن الزبد لا من جهة المحتمل تحقيقا للماثلة بينه وبين ما مثل به من الباطل الذي شأنه الظهور في بادي الرأي من غير مداخلة في الحق «ومما يوقدون عليه في النار» أي يفعلون الإيقاد عليه كائنا في النار والضمير للناس أضمر مع عدم سبق الذكر لظهوره وقرئ بالخطاب «ابتغاء حلية أو متاع» أي لطلب اتخاذ حلية وهي ما يتزين ويتجمل به كالحلي المتخذة من الذهب والفضة أو اتخاذ متاع وهو ما يتمتع به من الأواني والآلات المتخذة من الرصاص والحديد وغير ذلك من الفلزات «زبد» خبث «مثله» مثل ما ذكر من زبد الماء في كونه رابيا فوقه فقوله زبد مبتدأ خبره الظرف المقدم ومن ابتدائية دالة على مجرد كونه مبتدأ وناشئا منه لا تبعيضية معربة عن كونه بعضا منه كما قيل لاخلال ذلك بالتمثيل وفي التعبير عن ذلك بالموصول والتعرض لما في حيز الصلة من ايقاد النار عليه جرى على سنن الكبرياء باظهار التهاون به كما في قوله تعالى فأوقد لي يا هامان على الطين وإشارة إلى كيفية حصول الزبد منه بذوبانه وفي زيادة في النار إشعار بالمبالغة في الاعتمال للإذابة وحصول الزبد كما أشير إليه وعدم التعرض لاخراجه من
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272