تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٥
«وفي الأرض قطع» جملة مستأنفة مشتملة على طائفة أخرى من الآيات أي بقاع كثيرة مختلفة في الأوصاف فمن طيبة إلى سبخة وكريمة إلى زهيدة وصلبة إلى رخوة إلى غير ذلك «متجاورات» أي متلاصقات وفي بعض المصاحف قطعا متجاورات أي جعل في الأرض قطعا «وجنات من أعناب» أي بساتين كثيرة منها «وزرع» من كل نوع من أنواع الحبوب وإفراده لمراعاة أصله ولعل تقديم ذكر الجنات عليه مع كونه عمود المعاش لظهور حالها في اختلافها ومباينتها لسائرها ورسوخ ذلك فيها وتأخير قوله تعالى «ونخيل» لئلا يقع بينها وبين صفتها وهي قوله تعالى «صنوان وغير صنوان» فاصلة والصنوان جمع صنو كقنوان وقنو وهي النخلة التي لها رأسان وأصلها واحد وقرئ بضم الصاد على لغة بني تميم وقيس وقرئ جنات بالنصب عطفا على زوجين وبالجر على كل الثمرات فلعل عدم نظم قوله تعالى وفي الأرض قطع متجاورات في هذا السلك مع أن اختصاص كل من تلك القطع بما لها من الأحوال والصفات بمحض جعل الخالق الحكيم جلت قدرته حين مد الأرض ودحاها للإيماء إلى كون تلك الأحوال صفات راسخة لتلك القطع وقرئ وزرع ونخيل بالجر عطفا على أعناب أو جنات «يسقى» أي ما ذكر من القطع والجنات والزرع والنخيل وقرئ بالتأنيث مراعاة للفظ والأول أوفق بمقام بيان اتحاد الكل في حالة السقي «بماء واحد» اختلاف في طبعه سواء كان السقي بماء الأمطار أو بماء الأنهار «ونفضل» مع تآخذ أسباب التشابه بمحض قدرتنا واختيارنا «بعضها على بعض» آخر منها «في الأكل» فيما يحصل منها من الثمر والطعم وقرئ بالياء على بناء الفاعل ردا على يدبر ويفصل ويغشى وعلى بناء المفعول وفيه مالا يخفى من الفخامة والدلالة على أن عدم احتمال استناد الفعل إلى فاعل آخر مغن عن بناء الفعل للفاعل «إن في ذلك» الذي فصل من أحوال القطع والجنات «لآيات» كثيرة عظيمة ظاهرة «لقوم يعقلون» يعلمون على قضية عقولهم فان من عقل هذه الأحوال العجيبة لا يتعلثم في الجزم بأن من قدر على إبداع هذه البدائع وخلق تلك الثمار المختلفة في الأشكال والألوان والطعوم والروائح في تلك القطع المتباينة المتجاورة وجعلها حدائق ذات بهجة قادر على إعادة ما أبداه بل هي أهون في القياس وهذه الأحوال وان كانت هي الآيات أنفسها لا أنها فيها إلا انه قد جردت عنها أمثالها مبالغة في كونها آية ففي تجريدية مثلها في قوله تعالى لهم فيها دار الخلد أو المشار إليه الأحوال الكلية والآيات أفرادها الحادثة شيئا فشيئا في الأزمنة وآحادها الواقعة في الأقطار والأمكنة المشاهدة لأهلها ففي على معناها وحيث كانت دلالة هذه الأحوال على مدلولاتها أظهر مما سبق علق كونها آيات بمحض التعقل ولذلك لم يتعرض لغير تفضيل بعضها على بعض في الأكل الظاهر لكل عاقل مع تحقق ذلك في الخواص والكيفيات مما يتوقف العثور عليه على نوع تأمل وتفكر كأنه لا حاجة في ذلك إلى التفكر أيضا وفيه تعريض بأن المشركين غير عاقلين
(٥)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، الأكل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272