المحل بمعنى القوة وقيل محول من الحول أو الحيلة أعل على غير قياس ويعضده أنه قرىء بفتح الميم على أنه مفعل من حال يحول إذا احتال ويجوز أن يكون بمعنى الفقار فيكون مثلا في القوة والقدرة كقولهم فساعد الله أشد وموساه أحد «له دعوة الحق» أي الدعوة الثابتة الواقعة في محلها المجابة عند وقوعها والإضافة للإيذان بملابستها للحق واختصاصها به وكونه بمعزل من شائبة البطلان والضياع والضلال كما يقال كلمة الحق وقبل له دعوة الله سبحانه أي الدعوة اللائقة بحضرته كما في قوله صلى الله عليه وسلم فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله والتعرض لوصف الحقية لتربية معنى الاستجابة والأولى هو الأول لقوله تعالى وما دعاء الكافرين إلا في ضلال وتعلق الجملتين بما قبلهما من حيث أن إهلاك أربد وعامر محال من الله تعالى وإجابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما إن كانت الآية نزلت في شأنهما أو من حيث انه وعيد للكفرة على مجادلة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلول محاله بهم وتحذير لهم بإجابة دعوته عليهم «والذين يدعون» أي الأصنام الذين يدعوهم المشركون فحذف العائد «من دونه» من دون الله عز وجل «لا يستجيبون لهم بشيء» من طلباتهم «إلا كباسط كفيه إلى الماء» أي إلا استجابة كائنة كإستجابة الماء لمن بسط كفيه إليه من بعيد فالاستجابة مصدر من المبني للفاعل على ما يقتضيه الفعل الظاهر عني لا يستجيبون ويجوز أن يكون من المبني للمفعول ويضاف إلى الباسط بناء على استلزام المصدر من المبنى للفاعل للمصدر من المبنى للمفعول وجودا وعدما فكأنه قيل لا يستجيبون لهم بشيء فلا يستجاب لهم إلا استجابة كائنة كاستجابة من بسط كفيه إلى الماء كما في قوله * وعضة دهر يا أبن مروان لم تدع * من المال إلا مسحت أو مجلف * أي لم تدع فلم يبق إلا مسحت أو مجلف «ليبلغ» أي الماء بنفسه من غير أن يؤخذ بشيء من إناء ونحوه «فاه وما هو» أي الماء «ببالغه» ببالغ فيه أبدا لكونه جمادا لا يشعر بعطشه ولا ببسط يده إليه فضلا عن الاستطاعة لما أراده من البلوغ إلى فيه شبه حال المشركين في عدم حصولهم في دعاء آلهتهم على شيء أصلا وركاكة رأيهم في ذلك بحال عطشان هائم لا يدري ما يفعل قد بسط كفيه من بعيد إلى الماء يبغي وصوله إلى فيه من غير ملاحظة التشبيه في جميع مفردات الأطراف فان الماء في نفسه شيء نافع بخلاف آلهتهم والمراد نفي الاستجابة رأسا إلا انه قد أخرج الكلام مخرج التهكم بهم فقيل لا يستجيبون لهم شيئا من الاستجابة كائنة في هذه الصورة التي ليست فيها شائبة الاستجابة قطعا فهو في الحقيقة من باب التعليق بالمحال وقرئ تدعون بالتاء وكباسط بالتنوين «وما دعاء الكافرين إلا في ضلال» أي ذهاب وضياع وخسار «ولله» وحده «يسجد» يخضع وينقاد لا لشيء غيره استقلالا ولا اشتراكا فالقصر ينتظم القلب والأفراد «من في السماوات والأرض» من الملائكة والثقلين «طوعا وكرها» أي الطائعين وكارهين أو انقياد طوع وكره أو حال طوع وكره فان خضوع الكل لعظمة الله عز
(١١)