لما فيها فالفعلان متعديان كما في قوله تعالى «وغيض الماء» وقوله تعالى «وازدادوا تسعا» وقوله تزداد كيل بعير أولا زمان قد أسند إلى الأرحام مجازا وهما لما فيها «وكل شيء» من الأشياء «عنده بمقدار» بقدر لا يمكن تجاوزه عنه كقوله انا كل شيء خلقناه بقدر فان كل حادث من الأعيان والأعراض له في كل مرتبة من مراتب التكوين ومباديها وقت معين وحال مخصوص لا يكاد يجاوزه والمراد بالعندية الحضور العلمي بل العلم الحضوري فان تحقق الأشياء في أنفسها في أي مرتبة كانت من مراتب الوجود والاستعداد لذلك علم له بالنسبة إلى الله عز وجل «عالم الغيب» أي الغائب عن الحس «والشهادة» أي الحاضر له عبر عنهما بهما مبالغة وقيل أريد بالغيب المعدوم وبالشهادة الموجود وهو خبر مبتدأ محذوف أو خبر بعد خبر وقرئ بالنصب على المدح وهذا كالدليل على ما قبله من قوله تعالى الله يعلم الخ «الكبير» العظيم الشأن الذي كل شيء دونه «المتعال» المستعلي على كل شيء بقدرته أو المنزه عن نعوت المخلوقات وبعد ما بين سبحانه أنه عالم بجميع أحوال الإنسان في مراتب فطرته ومحيط بعالمي الغيب والشهادة بين أنه تعالى عالم بجميع ما يأتون وما يذرون من الأفعال والأقوال وأنه لا فرق بالنسبة إليه بين السر والعلن فقال «سواء منكم من أسر القول» في نفسه «ومن جهر به» أظهره لغيره «ومن هو مستخف» مبالغ في الاختفاء كأنه مختف «بالليل» وطالب للزيادة «وسارب» بارز يراه كل أحد «بالنهار» من سرب سروبا أي برز وهو عطف على من هو مستخف أو على مستخف ومن عبارة عن الاثنين كما في قوله تعالى (فان عاهدتني لا تخونني نكن مثل من يا ذئب يصطحبان) كأنه قيل سواء منكم اثنان مستخف بالليل وسارب بالنهار والاستواء وان أسند إلي من أسر ومن جهر والى المستخفي والسارب لكنه في الحقيقة مسند إلي ما أسره وما جهر به أو والى الفاعل من حيث هو فاعل كما في الأخيرين وتقديم الأسرار والاستخفاء لإظهار كمال علمه تعالى فكأنه في التعلق بالخفيات أقدم منه بالظواهر والا فنسبته إلي الكل سواء لما عرفته آنفا «له» أي لكل ممن أسر أو جهر والمستخفي أو السارب «معقبات» ملائكة تعتقب في حفظه جمع معقبة من عقبه مبالغة عقبه إذا جاء على عقبه كأن بعضهم يعقب بعضا أو لأنهم يعقبون أقواله وأفعاله فيكتبونه أو اعتقب فأدغمت التاء في القاف والتاء للمبالغة أو المراد بالمعقبات الجماعات وقرئ معاقيب جمع معقب أو معقبة على تعويض الياء من إحدى القافين «من بين يديه ومن خلفه» من جميع جوانبه أو من الأعمال ما قدم وأخر «يحفظونه من أمر الله» من بأسه حين أذنب بالاستمهال والاستغفار له أو يحفظونه من المضار أو
(٨)