تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢١
مثل ذلك الإرسال العظيم الشأن المصحوب بهذه المعجزة الباهرة «أرسلناك في أمة قد خلت» أي مضت «من قبلها أمم» كثيرة قد أرسل إليهم رسل «لتتلو» لتقرأ «عليهم الذي أوحينا إليك» من الكتاب العظيم الشأن وتهديهم إلى الحق رحمة لهم وتقديم المجرور على المنصوب من قبيل الإبهام ثم البيان كما في قوله تعالى ووضعنا عنك وزرك وفيه مالا يخفى من ترقب النفس إلى ما سيرد وحسن قبولها له عند وروده عليها «وهم» أي والحال أنهم «يكفرون بالرحمن» بالبليغ الرحمة الذي وسعت كل شيء رحمته وأحاطت به نعمته والعدول إلى المظهر المتعرض لوصف الرحمة من حيث إن الإرسال ناشىء منها كما قال تعالى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فلم يقدروا قدره ولم يشكروا نعمه لا سيما ما أنعم به عليهم بإرسال مثلك إليهم وإنزال القرآن الذي هو مدار المنافع الدينية والدنياوية عليهم وقيل نزلت في مشركي مكة حين أمروا بالسجود فقالوا وما الرحمن «قل هو» أي الرحمن الذي كفرتم به وأنكرتم معرفته «ربي» الرب في الأصل بمعنى التربية وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا ثم وصف به مبالغة كالصوم والعدل وقيل هو نعت أي خالقي ومبلغي إلى مراتب الكمال وإيراده قبل قوله «لا إله إلا هو» أي لا مستحق للعبادة سواه تنبيه على أن استحقاق العبادة منوط بالربوبية وقيل إن أبا جهل سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا الله يا رحمن فرجع إلى المشركين فقال إن محمدا يدعو إلهين فنزلت ونزل قوله تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية «عليه توكلت» في جميع أموري لا سيما في النصرة عليكم لا على أحد سواه «وإليه» خاصة «متاب» أي توبتي كقوله تعالى واستغفر لذنبك أمر عليه السلام بذلك إبانة لفضل التوبة ومقدارها عند الله تعالى وأنها صفة الأنبياء وبعثا للكفرة على الرجوع عما هم عليه بأبلغ وجه وألطفه فإنه عليه السلام حيث أمر بها وهو منزه عن شائبة اقتراف ما يوجبها من الذنب وإن قل فتوبتهم وهو عاكفون على أنواع الكفر والمعاصي مما لا بد منه أصلا وقد فسر المتاب بمطلق الرجوع فقيل مرجعي ومرجعكم وزيد فيحكم بيني وبينكم وقد قيل فيثيبني على مصابرتكم فتأمل «ولو أن قرآنا» أي قرآنا ما وهو اسم أن والخبر قوله تعالى «سيرت به الجبال» وجواب لو محذوف لانسياق الكلام إليه بحيث يتلقفه السامع من التالي والمقصود إما بيان عظم شأن القرآن العظيم وفساد رأي الكفرة حيث لم يقدروا قدره العلي ولم يعدوه من قبيل الآيات فاقترحوا غيره مما أوتى موسى وعيسى عليهما السلام وإما بيان غلوهم في المكابرة والعناد وتماديهم في الضلال والفساد فالمعنى على الأول لو أن قرآنا سيرت به الجبال أي بإنزاله أو بتلاوته عليها وزعزعت عن مقارها كما فعل ذلك بالطور لموسى عليه الصلاة والسلام «أو قطعت به الأرض» أي شققت وجعلت أنهارا وعيونا كما فعل بالحجر حين ضربه عليه السلام بعصاه أو جعلت قطعا متصدعة «أو كلم به الموتى» أي بعد أن
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272