العيمة والصاعقة قصفة رعد هائل تنقض معها بثقة نار لا تمر بشيء الا أتت عليه من الصعق وهو شدة الصوت وبناؤها اما ان يكون صفة لقصفة الرعد أو للرعد والتاء للمبالغة كما في الرواية أو مصدرا كالعافية وقد تطلق على كل هائل مسموع أو مشاهد يقال صعقته الصاعقة إذا أهلكته بالإحراق أو بشدة الصوت وسد الآذان إنما يفيد على التقدير الثاني دون الأول وقرئ من الصواقع وليس ذلك بقلب من الصواعق لاستواء كلا البناءين في التصرف يقال صقع الديك وخطيب مصقع أي مجهر بخطبته «حذر الموت» منصوب بيجعلون على العلة وان كان معرفة بالإضافة كقوله * واغفر عوراء الكريم ادخاره * واصفح عن شتم اللئيم تكرما * ولا ضير في تعدد المفعول له فإن الفعل يعلل بعلل شتى وقيل هو نصب على المصدرية أي يحذرون حذرا مثل حذر الموت والحذر والحذار هو شدة الخوف وقرئ حذار الموت والموت زوال الحياة وقيل عرض يضادها لقوله تعالى «خلق الموت والحياة» ورد بأن الخلق بمعنى التقدير والأعدام مقدرة «والله محيط بالكافرين» أي لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط شبه شمول قدرته تعالى لهم وانطواء ملكوته عليهم بإحاطة المحيط بما أحاط به في استحالة الفوت أو شبه الهيئة المنتزعة من شؤونه تعالى معهم بالهيئة المنتزعة من أحوال المحيط مع المحاط فالاستعارة المبنية على التشبيه الأول استعارة تبعية في الصفة متفرعة على ما في مصدرها من الاستعارة والمبنية على الثاني تمثيلية قد اقتصر من طرف المشبه به على ما هو العمدة في انتزاع الهيئة المشبه بها اعني الإحاطة والباقي منوى بألفاظ متخيلة بها يحصل التركيب المعتبر في التمثيل كما مر تحريره في قوله عز وجل «ختم الله على قلوبهم» والجملة اعتراضية منبهة على ان ما صنعوا من سد الآذان بالأصابع لا يغنى عنهم شيئا فإن القدر لا يدافعه الحذر والحيل لا ترد بأس الله عز وجل وفائدة وضع الكافرين موضع الضمير الراجع إلى أصحاب الصيب الإيذان بأن ما دهمهم من الأمور الهائلة المحكية بسبب كفرهم على منهاج قوله تعالى «كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته» فإن الإهلاك الناشئ من السخط أشد وقيل هذا الاعتراض من جملة أحوال المشبه على ان المراد بالكافرين المنافقون قد دل به على انه لا مدافع لهم من عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة وإنما وسط بين أحوال المشبه مع ان القياس تقديمه أو تأخيره لإظهار كمال العناية وفرط الاهتمام بشأن المشبه «يكاد البرق» استئناف آخر وقع جوابا عن سؤال مقدر كأنه قيل فكيف حالهم مع ذلك البرق فقيل يكاد ذلك «يخطف أبصارهم» أي يختلسها ويستلها بسرعة وكاد من افعال المقاربة وضعت لمقاربة الخبر من الوجود لتآخذ أسبابه وتعاضد مباديه لكنه لم يوجد بعد لفقد شرط أو لعروض مانع ولا يكون خبرها إلا مضارعا عاريا عن كلمة ان وشذ مجيئه اسما صريحا كما في قوله * فأبت إلى فهم وما كدت آيبا * وكذا مجيئه مع ان حملا لها على عسى كما في قول رؤبة * قد كاد من طول البلى ان يمحصا كما تحمل
(٥٤)