تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٦٦
275 الوقف على علانية «ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون» تقدم تفسيره «الذين يأكلون الربا» أي يأخذونه والتعبير عنه بالأكل لما انه معظم ما قصد به ولشيوعه في المطعومات مع ما فيه من زيادة تشنيع لهم وهو الزيادة في المقدار أو الأجل حسبما فصل في كتب الفقه وإنما كتب بالواو كالصلاة على لغة من يفخم في أمثالها وزيدت الألف تشبيها بواو الجمع «لا يقومون» أي من قبورهم إذا بعثوا «إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان» أي إلا قياما كقيام المصروع وهو وارد على ما يزعمون ان الشيطان يخبط الإنسان فيصرع والخبط الضرب بغير استواء خبط العشواء «من المس» أي الجنون وهذا أيضا من زعماتهم أن الجنى يمسه فيختلط عقله فلذلك يقال جن الرجل وهو متعلق بما قبله من الفعل المنفى أي لا يقومون من المس الذي بهم بسبب أكلهم الربا أو بيقوم أو بيتخبطه فيكون نهوضهم وسقوطهم كالمصروعين لا لاختلال عقولهم بل لأن الله تعالى أربي في بطونهم ما اكلوا من الربا فأثقلهم فصاروا مخبلين ينهضون ويسقطون تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من حالهم وما في اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان بفظاعة المشار إليه «بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا» أي ذلك العقاب بسبب أنهم نظموا الربا والبيع في سلك واحد لإفضائهما إلى الربح فاستحلوه كاستحلاله وقالوا يجوز بيع درهم بدرهمين كما يجوز بيع ما قيمته درهم بدرهمين بل جعلوا الربا أصلا في الحل وقاسوا به البيع مع وضوح الفرق بينهما فإن أحد الدرهمين في الأول ضائع حتما وفي الثاني منجبر بمساس الحاجة إلى السلعة أو بتوقع رواجها «وأحل الله البيع وحرم الربا» إنكار من جهة الله تعالى لتسويتهم وإبطال للقياس لوقوعه في مقابلة النص مع ما أشير إليه من عدم الاشتراك في المناط والجملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب «فمن جاءه موعظة» أي فمن بلغه وعظ وزجر كالنهى عن الربا وقرئ جاءته «من ربه» متعلق بجاءه أو بمحذوف وقع صفة لموعظة والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة للإشعار بكون مجيء الموعظة للتربية «فانتهى» عطف على جاءه فاتعظ بلا تراخ وتبع النهى «فله ما سلف» أي ما تقدم أخذه قبل التحريم ولا يسترده منه وما مرتفع بالظرف إن جعلت من موصولة وبالابتداء أن جعلت شرطية على رأى سيبويه لعدم اعتماد الظرف على ما قبله «وأمره إلى الله» يجازيه على انتهائه إن كان عن قبول الموعظة وصدق النية وقيل يحكم في شأنه ولا اعتراض لكم عليه «ومن عاد» أي إلى تحليل الربا «فأولئك» إشارة إلى من عاد والجمع باعتبار المعنى كما ان الإفراد في عاد باعتبار اللفظ وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلتهم في الشر والفساد «أصحاب النار» أي ملازموها «هم فيها خالدون» ما كثون فيها أبدا والجملة مقررة لما قبلها
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271