تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٣٨
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون «ثم أحياهم» عطف إما على مقدر يستدعيه المقام أي فماتوا ثم أحياهم وإنما حذف للدلالة على الاستغناء عن ذكره لاستحالة تخلف مراده تعالى عن ارادته وإما على قال لما انه عبارة عن الإماتة وفيه تشجيع للمسلمين على الجهاد والتعرض لأسباب الشهادة وأن الموت حيث لم يكن منه بد ولم ينفع منه المفر فأولى أن يكون في سبيل الله تعالى «إن الله لذو فضل» عظيم «على الناس» قاطبة أما أولئك فقد أحياهم ليعتبروا بما جرى عليهم فيفوزوا بالسعادة العظمى وأما الذين سمعوا قصتهم فقد هداهم إلى مسلك الاعتبار والاستبصار «ولكن أكثر الناس لا يشكرون» أي لا يشكرون فضله كما ينبغي ويجوز أن يراد بالشكر الاعتبار والاستبصار وإظهار الناس في مقام الإضمار لمزيد التشنيع «وقاتلوا في سبيل الله» عطف على مقدر يعينه ما قبله كأنه قيل فاشكروا فضله بالاعتبار بما قص عليكم وقاتلوا في سبيله لما علمتم أن الفرار لا ينجى من الحمام وأن المقدر لا مرد له فإن كان قد حان الاجل فموت في سبيل الله عز وجل وإلا فنصر عزيز وثواب «واعلموا أن الله سميع» يسمع مقالة السابقين والمتخلفين «عليم» بما يضمرونه في أنفسهم وهو من وراء الجزاء خيرا وشرا فسارعوا إلى الامتثال واحذروا المخالفة والمساهلة «من ذا الذي يقرض الله» من استفهامية مرفوعة المحل بالابتداء وذا خبره والموصول صفة له أو بدل منه وإقراض الله تعالى مثل لتقديم العمل العاجل طلبا للثواب الآجل والمراد ههنا إما الجهاد الذي هو عبارة عن بذل النفس والمال في سبيل الله عز وجل ابتغاء لمرضاته وإما مطلق العمل الصالح المنتظم له انتظاما أوليا «قرضا حسنا» أي إقراضا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا «فيضاعفه له» بالنصب على جواب الاستفهام حملا على المعنى فإنه في معنى أيقرضه وقرئ بالرفع أي يضاعف اجره وجزاءه جعل ذلك مضاعفة له بناء على ما بينهما من المناسبة بالسببية ظاهرا وصيغة المفاعلة للمبالغة وقرئ فيضعفه بالرفع وبالنصب «أضعافا» جمع ضعف ونصبه على انه حال من الضمير المنصوب أو مفعول بأن يضمن المضاعفة معي التصيير أو مصدر مؤكد على أن الضعف اسم للمصدر والجمع للتنوين «كثيرة» لا يعلم قدرها الا الله تعالى وقيل الواحد بسبعمائة «والله يقبض ويبسط» أي يقتر على بعض ويوسع على بعض أو يقتر تارة ويوسع أخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم كي لا يبدل أحوالكم ولعل تأخير البسط عن القبض في الذكر للإيماء إلى انه يعقبه في الوجود تسلية للفقراء وقرئ يبصط بالصاد لمجاورة الطاء «وإليه ترجعون» فيجازيكم على ما قدمتم من الاعمال خيرا وشرا
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271