إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون «ثم أحياهم» عطف إما على مقدر يستدعيه المقام أي فماتوا ثم أحياهم وإنما حذف للدلالة على الاستغناء عن ذكره لاستحالة تخلف مراده تعالى عن ارادته وإما على قال لما انه عبارة عن الإماتة وفيه تشجيع للمسلمين على الجهاد والتعرض لأسباب الشهادة وأن الموت حيث لم يكن منه بد ولم ينفع منه المفر فأولى أن يكون في سبيل الله تعالى «إن الله لذو فضل» عظيم «على الناس» قاطبة أما أولئك فقد أحياهم ليعتبروا بما جرى عليهم فيفوزوا بالسعادة العظمى وأما الذين سمعوا قصتهم فقد هداهم إلى مسلك الاعتبار والاستبصار «ولكن أكثر الناس لا يشكرون» أي لا يشكرون فضله كما ينبغي ويجوز أن يراد بالشكر الاعتبار والاستبصار وإظهار الناس في مقام الإضمار لمزيد التشنيع «وقاتلوا في سبيل الله» عطف على مقدر يعينه ما قبله كأنه قيل فاشكروا فضله بالاعتبار بما قص عليكم وقاتلوا في سبيله لما علمتم أن الفرار لا ينجى من الحمام وأن المقدر لا مرد له فإن كان قد حان الاجل فموت في سبيل الله عز وجل وإلا فنصر عزيز وثواب «واعلموا أن الله سميع» يسمع مقالة السابقين والمتخلفين «عليم» بما يضمرونه في أنفسهم وهو من وراء الجزاء خيرا وشرا فسارعوا إلى الامتثال واحذروا المخالفة والمساهلة «من ذا الذي يقرض الله» من استفهامية مرفوعة المحل بالابتداء وذا خبره والموصول صفة له أو بدل منه وإقراض الله تعالى مثل لتقديم العمل العاجل طلبا للثواب الآجل والمراد ههنا إما الجهاد الذي هو عبارة عن بذل النفس والمال في سبيل الله عز وجل ابتغاء لمرضاته وإما مطلق العمل الصالح المنتظم له انتظاما أوليا «قرضا حسنا» أي إقراضا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا «فيضاعفه له» بالنصب على جواب الاستفهام حملا على المعنى فإنه في معنى أيقرضه وقرئ بالرفع أي يضاعف اجره وجزاءه جعل ذلك مضاعفة له بناء على ما بينهما من المناسبة بالسببية ظاهرا وصيغة المفاعلة للمبالغة وقرئ فيضعفه بالرفع وبالنصب «أضعافا» جمع ضعف ونصبه على انه حال من الضمير المنصوب أو مفعول بأن يضمن المضاعفة معي التصيير أو مصدر مؤكد على أن الضعف اسم للمصدر والجمع للتنوين «كثيرة» لا يعلم قدرها الا الله تعالى وقيل الواحد بسبعمائة «والله يقبض ويبسط» أي يقتر على بعض ويوسع على بعض أو يقتر تارة ويوسع أخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم كي لا يبدل أحوالكم ولعل تأخير البسط عن القبض في الذكر للإيماء إلى انه يعقبه في الوجود تسلية للفقراء وقرئ يبصط بالصاد لمجاورة الطاء «وإليه ترجعون» فيجازيكم على ما قدمتم من الاعمال خيرا وشرا
(٢٣٨)