بين الناس فيكون بمعزل من التوسط في إصلاح ذات البين «والله سميع» يسمع أيمانكم «عليم» يعلم نياتكم فحافظوا على ما كلفتموه «لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم» اللغو ما سقط من الكلام عن درجة الاعتبار والمراد به في الإيمان مالا عقد معه ولا قصد كما ينبئ عنه قوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان وهو المعنى بقوله عز وجل «ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم» وقد اختلف فيه فعندنا هو ان يحلف على شئ يظنه على ما حلف عليه ثم يظهر خلافة فإنه لا قصد فيه إلى الكذب وعند الشافعي رحمه الله هو قول العرب لا والله وبلى مما يؤكدون به كلامهم من غير إخطار الحلف بالبال فالمعنى على الأول لا يؤاخذكم الله أي لا يعاقبكم بلغو اليمين الذي يحلفه أحدكم ظانا أنه صادق فيه ولكن يعاقبكم بما اقترفته قلوبكم من إثم القصد إلى الكذب في اليمين وذلك في الغموس وعلى الثاني لا يلزمكم الكفارة بما لا قصد معه إلى اليمين ولكن يلزمكموها بما نوت قلوبكم وقصدت به اليمين ولم يكن كسب اللسان فقط «والله غفور» حيث لم يؤاخذكم باللغو مع كونه ناشئا من عدم التثبت وقلة المبالاة «حليم» حيث لم يعجل بالمؤاخذة والجملة اعتراض مقر لمضمون قوله تعالى لا يؤاخذكم الخ وفيه إيذان بان المراد بالمؤاخذة المعاقبة لا إيجاب الكفارة إذ هي التي يتعلق بها المغفرة والحلم دونه «للذين يؤلون من نسائهم» الإيلاء الحلف وحقة أن يستعمل بعلى واستعماله بمن لتضمينه معنى البعد أي للذين يحلفون متباعدين من نسائهم ويحتمل أن يراد لهم من نسائهم «تربص أربعة أشهر» كقولك لي منك كذا وقرئ آلوا من نسائهم وقرئ يقسمون من نسائهم والإيلاء من المرأة أن يقول والله لا أقربك أربعة أشهر فصاعدا على التقييد بالأشهر أولا أقربك على الإطلاق ولا يكون فيما دون ذلك وحكمة انه إن فاء إليها في المدة بالوطء إن أمكن أو بالقول أن عجز عنه صح الفئ وحنث القادر ولزمته كفارة اليمين ولا كفارة على العاجز وأن مضت الأربعة بانت بتطليقه والتربص الانتظار والتوقف أضيف إلى الظرف اتساعا أي لهم أن ينتظروا في هذه المدة من غير مطالبة بفئ أو طلاق «فإن فاؤوا» أي رجعوا عن اليمن بالحنث والفاء للتفصيل كما إذا قلت أنا نزيلكم هذا الشهر فإن أحمدتكم أقمت عندكم إلى آخره والألم أبث إلا ريثا أتحول «فإن الله غفور رحيم» يغفر للمولى بفيئته التي هي كتوبته إثم حنثه عند تكفيره أو ما قصد بالإيلاء من ضرار المرأة «وإن عزموا الطلاق» وأجمعوا عليه «فإن الله سميع» بما جرى منهم من الطلاق وما يتعلق به من الدمدمة والمقاولة التي لا تخلوا عنها الحال عادة «عليم» بنياتهم وفيه من الوعيد على الإصرار وترك الفيئة ما لا يخفى
(٢٢٤)