المواعدة بما يستهجن وفيه ما فيه «إلا أن تقولوا قولا معروفا» استثناء مفرغ مما يدل عليه النهي أي لا تواعدهن مواعدة ما الا مواعدة معروفة غير منكرة شرعا وهي ما يكون بطريق التعريض والتلويح أو إلا مواعدة بقول معروف أو لا تواعدوهن بشيء من الأشياء الا بأن تقولوا قولا معروفا وقيل هو استثناء منقطع من سرا وهو ضعيف لأدائه إلى جعل التعريض موعودا وليس كذلك «ولا تعزموا عقدة النكاح» من عزم الأمر إذا قصده قصدا جازما وحقيقته القطع بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل وروى لمن لم يبيت الصيام والنهي عنه للمبالغة في النهي عن مباشرة عقد النكاح أي لا تعزموا عقد عقدة النكاح «حتى يبلغ الكتاب أجله» أي العدة المكتوبة المفروضة آخرها وقيل معناه لا تقطعوا عقدة النكاح أي لا تبرموها ولا تلزموها ولا تقدموا عليها فيكون نهيا عن نفس الفعل لا عن قصده «واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم» من ذوات الصدور التي من جملتها العزم على ما نهيتم عنه «فاحذروه» بالاجتناب عن العزم ابتداء أو إقلاعا عنه بعد تحققه «واعلموا أن الله غفور» يغفر لمن يقلع عن عزمه خشية منه تعالى «حليم» لا يعاجلكم بالعقوبة فلا تستدلوا بتأخيرها على أن ما نهيتم عنه من العزم ليس مما يستتبع المؤاخذة واظهار الاسم الجليل في موضع الاضمار لإدخال الروعة «لا جناح عليكم» أي لا تبعة من مهر وهو الأظهر وقيل من وزر إذ لا بدعة في الطلاق قبل المسيس وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر النهي عن الطلاق فظن ان فيه جناحا فنفى ذلك «إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن» أي ما لم تجامعوهن وقرئ تماسوهن بضم التاء في جميع المواقع أي مدة عدم مساسكم إياهن على ان ما مصدرية ظرفية بتقدير المضاف ونقل أبو البقاء انها شرطية بمعنى ان فيكون من باب اعتراض الشرط على الشرط فيكون الثاني قيدا للأول كما في قولك ان تأتني ان تحسن إلى أكرمك أي ان تأتني محسنا إلى والمعنى ان طلقتموهن غير ما سين لهن وهذا المعنى أقعد من الأول لما ان ما الظرفية انما يحسن موقعها فيما إذا كان المظروف امرا ممتدا منطبقا على ما أضيف إليها من المدة أو الزمان كما في قوله تعالى خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض وقوله تعالى وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ولا يخفى ان التطليق ليس كذلك وتعليق الظرف بنفي الجناح ربما يوهم امكان المسيس بعد الطلاق فالوجه ان يقدر الحال مكان الزمان والمدة «أو تفرضوا لهن فريضة» أي الا ان تفرضوا لهن أو حتى تفرضوا لهن عند العقد مهرا على ان فريضة فعلية بمعنى مفعول والتاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية وانتصابه على المفعولية ويجوز ان يكون مصدرا صيغة واعرابا والمعنى انه لا تبعه على المطلق بمطالبة المهر أصلا إذا كان الطلاق قبل المسيس على كل حال الا في حال تسمية المهر فإن عليه حينئذ نصف المسمى وفي حال عدم تسميته عليه المتعة لانصف مهر المثل واما إذا كان بعد المساس فعليه في صورة التسمية تمام المسمى وفي صورة عدمها تمام مهر المثل وقيل كلمة أو عاطفة لمدخولها على
(٢٣٣)