وقوله: (متشابها) معناه مستويا لا تناقض فيه ولا تدافع بل يشبه بعضه بعضا في رصف اللفظ ووثاقة البراهين وشرف المعاني إذ هي اليقين في العقائد في الله وصفاته وأفعاله وشرعه و (مثاني) معناه: موضع تثنية للقصص والأقضية والمواعظ تثنى فيه ولا تمل مع ذلك ولا يعرضها ما يعرض الحديث المعاد وقال ابن عباس ثنى فيه والأمر مرارا ولا ينصرف (مثاني) لأنه جمع لا نظير له في الواحد.
وقوله تعالى: (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم) عبارة عن قف شعر الانسان عندما يداخله خوف ولين قلب عند سماع موعظة أو زجر قرآن ونحوه وهذه علامة وقوع المعنى المخشع في قلب السامع وفي الحديث أن أبي بن كعب قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم فرقت القلوب فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة " وقال العباس ابن عبد المطلب قال النبي صلى الله عليه وسلم " من اقشعر جلده من خشية الله تعالى تحاتت عنه ذنوبه كما تتحات عن الشجرة اليابسة ورقها " وقالت أسماء بنت أبي بكر " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم عند سماع القرآن قيل لها أن أقواما اليوم إذا سمعوا القرآن خر أحدهم مغشيا عليه فقالت أعوذ بالله من الشيطان " وعن ابن عمر نحوه وقال ابن سيرين بيننا وبين هؤلاء الذين يصرعون عند قراءة القرآن أن يجعل أحدهم على حائط [مادا] رجليه ثم يقرأ عليه القرآن كله فان رمي بنفسه فهو صادق.
* ت * وهذا كله تغليظ على المرائين والمتصنعين بين ولا خلاف اعلمه بين أرباب القلوب وأئمة التصوف أن المصنع عندهم بهذه الأمور ممقوت وأما من غلبة الحال لضعفه وقوي الوارد عليه حتى أذهبه عن حسه فهو إن شاء الله من السادة الأخيار والأولياء الأبرار وقد وقع ذلك لكثير من الأخيار يطول تعدادهم كابن وهب وأحمد بن معتب المالكيين ذكرهما عياض في " مداركه " وانهما ماتا من ذلك وكذلك مالك بن دينار مات