صلابته وقلة انفعاله للوعظ وروى الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وان أبعد الناس من الله القلب القاسي " قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب انتهى وقال مالك بن دينار ما ضرب عبد [بعقوبة] أعظم من قسوة قلبه قال ابن هشام قوله تعالى (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) " من " هنا مرادفة " عن " وقيل هي للتعليل أي من أجل ذكر الله لأنه إذا ذكر الله قست قلوبهم عياذا بالله وقيل هي للابتداء انتهى من " المغنى " قال الفخر: اعلم أن ذكر الله سبب لحصول النور والهداية وزيادة الاطمئنان في النفوس الطاهرة الروحانية وقد يوجب القسوة والبعد عن الحق في النفوس الخبيثة الشيطانية فإذا عرفت هذا فنقول: إن رأس الأدوية التي تفيد الصحة الروحانية ورتبتها هو ذكر الله فإذا اتفق لبعض النفوس ان صار ذكر الله سببا لازدياد مرضها كان مرض تلك النفوس مرضا لا يرجى زواله ولا يتوقع علاجه وكانت في نهاية الشر والرداءة فلهذا المعنى قال تعالى: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين) وهذا كلام كامل محقق انتهى.
وقوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث) يريد القرآن وروي عن ابن عباس أن سبب هذه الآية أن قوما من الصحابة قالوا: يا رسول الله حدثنا بأحاديث حسان وأخبرنا بأخبار الدهر فنزلت الآية.