وقوله تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء...) الآية أي يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى وفي مصحف ابن مسعود " قالوا ما نعبدهم " وهي قراءة ابن عباس وغيره وهذه المقالة شائعة في العرب في الجاهلية يقولون في معبوداتهم من الأصنام وغيرها ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله قال مجاهد وقد قال ذلك قوم من اليهود في عزير وقوم من النصارى في عيسى.
و (زلفى) بمعنى قربة وتوصلة عبد [كأنهم] قالوا ليقربونا إلى الله تقريبا وكأن هذه الطوائف كلها حتى نفوسها أقل من أن تتصل هي بالله فكانت ترى أن تتصل بمخلوقاته.
و (زلفى) عند سيبويه مصدر في موضع الحال كأنه تنزل منزلة " متزلفين " عليه والعامل فيه (يقربونا) وقرأ الجحدري " كذاب كفار " بالمبالغة فيهما وهذه المبالغة إشارة إلى التوغل في الكفر.
وقوله تعالى: (لو أراد الله أن يتخذ ولدا) معناه اتخاذ التشريف والتبني وعلى هذا يستقيم قوله تعالى: (لاصطفى مما يخلق) وأما الاتخاذ المعهود في الشاهد فمستحيل أن يتوهم في جهة الله تعالى ولا يستقيم عليه معنى قوله: (لاصطفى مما يخلق) وقوله تعالى (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) [مريم: 92] لفظ يعم اتخاذ النسل واتخاذ الاصطفاء فأما الأول فمعقول وأما الثاني فمعروف بخبر الشرع ومما يدل على أن معنى قوله (أن يتخذ) انما المقصود به اتخاذ اصطفاء وتبن قوله (مما يخلق) أي من موجوداته ومحدثاته ثم نزه سبحانه نفسه تنزيها مطلقا عن كل ما لا يليق به سبحانه.
وقوله تعالى (يكور الليل على النهار...) الآية معناه يعيد من هذا على هذا ومنه كور العمامة التي يلتوي بعضها على بعض فكان الذي يطول من النهار أو الليل