الفاعل في نفسه كما تقول وجدتني / وظننتني ثم حقر تعالى غنى هذا الانسان وحاله بقوله (ان إلى ربك الرجعي) أي بالحشر والبعث يوم القيامة وفي هذا الخبر وعيد للطاغين من الناس ثم صرح بذكر الناهي لمحمد عليه السلام ولا خلاف ان الناهي أبو جهل وان العبد المصلي هو محمد عليه السلام.
وقوله تعالى: (ألم يعلم بان الله يرى) اكمال للتوبيخ والوعيد بحسب التوقيفات الثلاث يصلح مع كل واحد منها * ت * وفي قوله تعالى (ألم يعلم بان الله يرى) ما يثير الهمم الراكدة ويسيل العيون الجامدة ويبعث على الحياء والمراقبة قال الغزالي اعلم أن الله مطلع على ضميرك ومشرف على ظاهرك وباطنك فتأدب أيها المسكين ظاهرا وباطنا بين يديه سبحانه واجتهد أن لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث امرك ولا تدع عنك التفكر في قرب الاجل وحلول الموت القاطع للأمل وخروج الامر من الاختيار وحصول الحسرة والندامة بطول الاغترار انتهى ثم توعده تعالى لئن لم ينته ليؤخذن بناصيته فيجر إلى جهنم ذليلا تقول العرب: سفعت بيدي ناصية الفرس والرجل إذا جذبتها مذللة وقال بعض العلماء بالتفسير: معناه لتحقرن عند من قولهم سفعته النار واكتفى بذكر الناصية لدلالتها على الوجه والرأس والناصية مقدم شعر الرأس ثم أبدل النكرة من المعرفة في قوله (ناصية كاذبة) ووصفها بالكذب والخطأ من حيث هي صفات لصاحبها.
قوله: (فليدع ناديه) اي أهل مجلسه والنادي والندي المجلس ومنه دار الندوة وقال البخاري قال مجاهد ناديه: عشيرته.
وقوله: (سندع الزبانية) اي: ملائكة العذاب ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام (كلا لا تطعه) اي: لا تلتفت إلى نهيه وكلامه (واسجد) لربك (واقترب) إليه بسجودك وفي الحديث " أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد فأكثروا من الدعاء في السجود فقمن ان يستجاب لكم " وروى ابن وهب عن جماعة من أهل العلم ان قوله (واسجد) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وان قوله (واقترب) خطاب لأبي جهل اي: ان