(ما أنذر آباؤهم) فقال عكرمة " ما " بمعنى الذي والتقدير: الشئ الذي أنذر آباؤهم من النار والعذاب ويحتمل أن تكون " ما " مصدرية على هذا القول ويكون الآباء هم الأقدمون على مر الدهر وقوله (فهم) مع هذا التأويل بمعنى فإنهم دخلت الفاء لقطع الجملة من الجملة وقال قتادة " ما " نافية فالآباء على هذا هم الأقربون منهم وهذه الآية كقوله تعالى (وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) [سبأ: 44] وهذه النذارة المنفية هي نذارة المباشرة كما قدمنا و (حق القول) معناه وجب العذاب وسبق القضاء به وهذا فيمن لم يؤمن من قريش كمن قتل ببدر وغيرهم وقوله تعالى (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا...) الآية قال مكي: قيل هي حقيقة في الآخرة إذا دخلوا النار وقال ابن عباس وغيره: الآية استعارة لحال الكفرة الذين أرادوا النبي صلى الله عليه وسلم بسوء فجعل الله هذه مثلا لهم في كفه إياهم عنه ومنعهم من إذايته حين بيتوه.
وقالت فرقة: الآية مستعارة المعاني من منع الله تعالى إياهم من الإيمان وحوله بينهم وبينه وهذا أرجح الأقوال و " الغل " ما أحاط بالعنق على معنى التثقيف والتضييق والتعذيب وقوله " فهي " يحتمل أن تعود على الأغلال أي هي عريضة تبلغ بحرفها الأذقان والذقن: مجتمع اللحيين فتضطر المغلول إلى رفع وجهه نحو السماء وذلك هو الإقماح وهو نحو الإقناع في الهيئة