وقوله سبحانه: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذرياتهم) اختلف في معنى الآية فقال ابن عباس وابن جبير والجمهور أخبر الله تعالى ان المؤمنين الذين أتبعتهم ذريتهم في الايمان يلحق الأبناء في الجنة بمراتب الآباء وإن لم يكن الأبناء في التقوى والأعمال كالآباء كرامة للآباء وقد ورد في هذا المعنى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا الحديث تفسيرا للآية وكذلك وردت أحاديث تقتضي ان الله تعالى يرحم الآباء رعيا للأبناء الصالحين وقال ابن عباس أيضا والضحاك معنى الآية: ان الله تعالى يلحق الأبناء الصغار بأحكام الآباء المؤمنين يعني في الموارثة والدفن في مقابر المسلمين وفي احكام الآخرة في الجنة وقال منذر بن سعيد هي في الصغار لا في الكبار قال (ع) وأرجح الأقوال في هذه الآية القول الأول لأن الآيات كلها في صفة احسان الله تعالى إلى أهل الجنة فذكر من جملة إحسانه سبحانه انه يرعى المحسن في المسئ ولفظة (ألحقنا) تقتضي ان للملحق بعض التقصير في الأعمال.
(ت) وأظهر من هذا ما أشار إليه الثعلبي في بعض أنقاله: ان الله تعالى يجمع لعبده المؤمن ذريته في الجنة كما كانوا في الدنيا انتهى ولم يتعرض لذكر الدرجات في هذا التأويل وهو أحسن لأنه قد تقرر ان رفع الدرجات هي بأعمال العاملين والآيات والأحاديث مصرحة بذلك ولما يلزم على التأويل الأول أن يكون كل من دخل الجنة مع آدم - عليه السلام - في درجة واحدة إذ هم كلهم ذريته وقد فتحت لك بابا للبحث في هذا المعنى منعني من اتمامه ما قصدته من الاختصار وبالله التوفيق وقوله: (وما ألتناهم) أي: نقصناهم ومعنى الآية ان الله سبحانه يلحق الأبناء بالآباء ولا ينقص الآباء من أجورهم شيئا وهذا تأويل الجمهور ويحتمل ان يريد من عمل الأبناء من شئ من حسن أو قبيح وهذا تأويل ابن زيد ويؤيده قوله سبحانه (كل امرئ بما كسب رهين) والرهين: المرتهن وفي هذه الألفاظ وعيد وأمددت الشئ: إذا سربت إليه شيئا آخر يكثره أو يكثر لديه.