الجرائد وفاز الأحباب بالفوائد وأنت غافل راقد أه لو كنت معهم أسفا لك لو رأيتهم لأبصرت طلائع الصديقين في أول القوم وشاهدت ساقه المستغفرين في الركب وسمعت استغاثة المحبين في وسط الليل لو رأيتهم يا غافل وقد دارت كؤوس المناجاة بين مزاهر التلاوات فأسكرت قلب الواجد ورقمت في مصاحف الوجنات تعرفهم بسيماهم يا طويل النوم فاتتك مدحة (تتجافى) [السجدة: 16] وحرمت منحة (والمستغفرين) [آل عمران: 17] يا هذا ان لله تعالى ريحا تسمى الصبيحة مخزونة تحت العرش تهب عند الأسحار فتحمل الدعاء والأنين والاستغفار إلى حضرة العزيز الجبار انتهى.
(وفي أموالهم حق...) الآية الصحيح انها محكمة وان هذا الحق هو على وجه الندب و (معلوم) [المعارج: 24] يراد به متعارف وكذلك قيام الليل الذي مدح به ليس من الفرائض وأكثر ما تقع الفضيلة بفعل المندوبات والمحروم هو الذي تبعد عنه ممكنات الرزق بعد قربها منه فيناله حرمان وفاقة وهو مع ذلك لا يسئل فهذا هو الذي له حق في أموال الأغنياء كما للسائل حق وما وقع من ذكر الخلاف فيه فيرجع إلى هذا وبعد هذا محذوف تقديره فكونوا أيها الناس مثلهم وعلى طريقهم (وفي الأرض آيات): لمن اعتبر وأيقن.
وقوله سبحانه: (وفي أنفسكم) إحالة على النظر في شخص الانسان وما فيه من العبر وأمر النفس وحياتها ونطقها واتصال هذا الجزء منها بالعقل قال ابن زيد انما القلب مضغة في جوف ابن آدم جعل الله فيه العقل أفيدري أحد ما ذلك العقل وما صفته وكيف هو.
(ت) قال ابن العربي في رحلته: اعلم أن معرفة العبد نفسه من أولى من عليه وآكده إذا لا يعرف ربه الا من عرف نفسه قال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) وغير ما آية في ذلك ثم قال ولا ينكر عاقل وجود الروح من نفسه وان كان لم يدرك حقيقته كذلك لا يقدر ان ينكر وجود الباري سبحانه الذي دلت أفعاله عليه وإن لم يدرك حقيقته انتهى.