ثم امر تعالى نبيه بذكر هود وقومه عاد على جهة المثال لقريش وقد تقدم قصص عاد مستوفى في " سورة الأعراف " فلينظر هناك والصحيح من الأقوال ان بلاد عاد كانت باليمن ولهم كانت ارم ذات العماد و (الأحقاف): جمع " حقف " وهو الجبل المستطيل المعوج من الرمل.
وقوله سبحانه: (وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه الا تعبدوا الا الله اني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) (خلت) معناه: مضت إلى الأرض الخلاء و (النذر) جمع نذير وقولهم: (لتأفكنا) معناه: لتصرفنا وقولهم: (فاتنا بما تعدنا) تصميم منهم على التكذيب وتعجيز له في زعمهم.
وقوله سبحانه: (قال انما العلم عند الله...) الآية المعنى: قال لهم هود: ان هذا الوعيد ليس من قبلي، وإنما الامر فيه إلى الله، وعلم وقته عنده، وانما علي ان أبلغ فقط والضمير في (رأوه) يحتمل ان يعود على العذاب ويحتمل ان يعود على الشئ المرئي الطالع عليهم، وهو الذي فسره قوله: (عارضا) والعارض: هو ما يعرض في الجو من السحاب الممطر قال ابن العربي في " احكامه " عند تفسيره قوله تعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) [البقرة: 224] كل شئ عرض فقد منع ويقال لما عرض في السماء من السحاب: " عارض " لأنه منع من رؤيتها ومن رؤية البدر والكواكب انتهى وروي في معنى قوله: (مستقبل أوديتهم) ان هؤلاء القوم كانوا قد قحطوا مدة فطلع هذا العارض من جهة كانوا يمطرون بها ابدا جاءهم من قبل واد لهم يسمونه المغيث قال ابن عباس: ففرحوا به وقالوا: هذا عارض ممطرنا وقد كذب هود فيما أوعد به فقال لهم هود عليه السلام -: ليس الأمر كما رأيتم بل هو ما استعجلتم به في قولكم: (فأتنا بما تعدنا) [الأحقاف: 22] ثم قال: (ريح فيها عذاب اليم) وفي قراءة ابن مسعود: " ممطرنا قال هود: بل هو ريح " بإظهار المقدر و (تدمر) معناه: