وقوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة) معناه إرادة مستعد عامل لا إرادة متمن مسوف والحرث في هذه الآية عبارة عن السعي والتكسب والاعداد.
وقوله تعالى: (نزد له في حرثه) وعد متنجز قال الفخر وفي تفسير قوله (نزد له في حرثه) قولان:
الأول: نزد له في توفيقه واعانته وتسهيل سبيل الخيرات والطاعات عليه وقال مقاتل نزد له في حرثه بتضعيف الثواب قال تعالى: (ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله) [فاطر: 30] انتهى وقوله (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها) معناه ما شئنا منها ولمن شئنا فرب ممتحن مضيق عليه حريص على حرث الدنيا مريد له لا يحس بغيره نعوذ بالله من ذلك وهذا الذي لا يعقل غير الدنيا هو الذي نفى أن يكون له نصيب في الآخرة.
وقوله تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) " أم " هذه منقطعة لا معادلة وهي بتقدير " بل " وألف الاستفهام والشركاء في هذه الآية يحتمل أن يكون المراد بهم الشياطين والمغوين من أسلافهم ويكون الضمير في (لهم) للكفار المعاصرين لمحمد عليه السلام فالاشتراك ههنا هو في الكفر والغواية وليس بشركة الاشراك بالله ويحتمل أن يكون المراد بالشركاء الأصنام والأوثان على معنى: أم لهم أصنام جعلوها شركاء لله في ألوهيته ويكون الضمير في (شرعوا) لهؤلاء المعاصرين من الكفار ولآبائهم والضمير في (لهم) للأصنام الشركاء و (شرعوا) معناه أثبتوا ونهجوا ورسموا و (الدين) هنا العوائد والأحكام والسيرة ويدخل في ذلك أيضا المعتقدات السوء لأنهم في جميع ذلك وضعوا أوضاعا فاسدة وكلمة الفصل هي ما سبق من قضاء الله تعالى بأنه يؤخر عقابهم للدار الآخرة والقضاء بينهم هو عذابهم في الدنيا ومجازاتهم.
وقوله تعالى: (ترى الظالمين) هي رؤية بصر و (مشفقين) حال وليس لهم في هذا الاشفاق مدح لأنهم انما أشفقوا حين نزل بهم وليسوا كالمؤمنين الذين هم في الدنيا مشفقون من أمر الساعة كما تقدم وهو واقع بهم.