وقد يحتملهما، كقوله: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ").
ويحتمل أنه استفهام تقرير، وأنه طلب منهم أن يقروا بما عندهم تقرير ذلك، ولهذا قال مجاهد: التقدير (لا) فإنهم لما استفهموا استفهام تقرير بما لا جواب له إلا إن يقولوا (لا) جعلوا كأنهم قالوا، وهو قول الفارسي والزمخشري.
ويحتمل أن يكون استفهام إنكار، بمعنى التوبيخ على محبتهم لأكل لحم أخيهم فيكون (ميتة)، والمراد محبتهم له غيبته على سبيل المجاز، و (فكرهتموه)) بمعنى الأمر، أي اكرهوه.
ويحتمل أن يكون استفهام إنكار بمعنى التكذيب، أنهم لما كانت حالهم حال من يدعي محبة أكل لحم أخيه نسب ذلك إليهم، وكذبوا فيه، فيكون (فكرهتموه).
الخامسة: إذا خرج الاستفهام عن حقيقته، فإن أريد التقرير ونحوه لم يحتج إلى معادل، كما في قوله تعالى: (ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير) (2)، فان معناه التقرير.
وقال ابن عطية: ظاهره الاستفهام المحض، والمعادل على قول جماعة: (أم يريدون).
وقيل (أم) منقطعة فالمعادل عندهم محذوف، أي (أم علمتم)، وهذا كله على أن القصد مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة أمته، وأما إن كان هو المخاطب وحده فالمعادل محذوف لا غير، وكلا القولين مروي. انتهى.
وما قاله غير ظاهر، والاستفهام هنا للتقرير فيستغنى عن المعادل، أما إذا كان على حقيقته، فلا بد من تقدير المعادل، كقوله تعالى: (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) (3)، أي، كمن ينعم في الجنة؟