فصل [في اختلاف المقامات ووضع كل شئ في موضع يلائمه] مما يبعث على معرفة الإعجاز اختلافات المقامات وذكر في كل موضع ما يلائمه، ووضع الألفاظ في كل موضع ما يليق به، وإن كانت مترادفة، حتى لو أبدل واحد منها بالآخر ذهبت تلك الطلاوة، وفاتت تلك الحلاوة.
فمن ذلك أن لفظ (الأرض) لم ترد في التنزيل إلا مفردة، وإذا ذكرت والسماء مجموعة لم يؤت بها معها إلا مفردة، ولما أريد الإتيان بها مجموعة قال: (ومن الأرض مثلهن)، تفاديا من جمعها.
ولفظ (البقعة) لم تستعمل فيه إلا مفردة، كقوله تعالى: (في البقعة المباركة) فإن جمعت حسن ذلك ورودها مضافة، كقولهم: (بقاع الأرض).
وكذلك لفظ (اللب) مرادا به العقل، كقوله تعالى: (وذكرى لأولى الألباب) (لذكرى لأولى الألباب) فإنه يعذب دون الإفراد.
وكذلك قوله: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) وفى موضع آخر:
(في بطني محررا ")، استعمل (الجوف) في الأول (والبطن) في الثاني مع اتفاقهما