النوع السادس والأربعون في أساليب القرآن وفنونه البليغة وهو المقصود الأعظم من هذا الكتاب، وهو بيت القصيدة، وأول الجريدة، وغرة الكتيبة، وواسطة القلادة، ودرة التاج، وإنسان الحدقة، على أنه قد تقدمت الإشارة للكثير من ذلك.
اعلم أن هذا علم شريف المحل، عظيم المكان، قليل الطلاب، ضعيف الأصحاب، ليست له عشيرة تحميه، ولا ذوو بصيرة تستقصيه، وهو أرق من الشعر، وأهول من البحر، وأعجب من السحر، وكيف لا يكون! وهو المطلع على أسرار القرآن العظيم، الكافل بإبراز إعجاز النظم المبين ما أودع من حسن التأليف، وبراعة التركيب، وما تضمنه في الحلاوة، وجلله في رونق الطلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، ولا فرق بين ما يرجع الحسن إلى اللفظ أو المعنى.
وشذ بعضهم فزعم أن موضع صناعة البلاغة فيه إنما هو المعاني، فلم يعد الأساليب البليغة، والمحاسن اللفظية.
والصحيح أن الموضوع مجموع المعاني والألفاظ إذ اللفظ مادة الكلام الذي منه يتألف، ومتى أخرجت الألفاظ عن أن تكون موضوعا خرجت عن جملة الأقسام المعتبرة، إذ لا يمكن أن توجد إلا بها.