وسلم يعلم ضرورة، وكونه معجزا يعلم بالاستدلال، وهذا المذهب يحكى عن المخالفين.
والذي نقوله: إن الأعجمي لا يمكنه أن يعلم إعجازه إلا استدلالا، وكذلك من ليس ببليغ، فأما البليغ الذي أحاط بمذاهب العرب وغرائب الصنعة، فإنه يعلم من نفسه ضرورة عجزه وعجز غيره عن الإتيان بمثله.
مسألة [في الحكمة في تنزيه النبي عليه السلام عن الشعر] قيل: للحكمة تنزيه الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الشعر وجوه:
أحدها: أنه سبحانه أخبر عن الشعراء بأنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون مالا يفعلون، وأن للشعر شرائط لا يسمى الانسان بغيرها شاعرا، كما قال بعضهم وقد سئل عن الشاعر، فقال: إن هزل أضحك، وإن جد كذب، فالشاعر له بين كذب، وإضحاك. فنزه الله نبيه عن هاتين الخصلتين، وعن كل أمر دنئ، وإنا لا نكاد نجد شاعرا إلا مادحا ضارعا، أو هاجيا ذا قذع، وهذه أوصاف لا تصلح للنبي.
والثاني: أن أهل العروض مجمعون كما قال ابن فارس، على أنه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع، إلا أن صناعة الإيقاع تقسم الزمان بالنغم، وصناعة العروض تقسمه