وقوله تعالى: (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ") (1)، أي كمن هداه الله، بدليل قوله تعالى: (فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) (1)، التقدير: ذهبت نفسك عليهم حسرات، بدليل (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) (2).
وقد جاء في التنزيل موضع صرح فيه بهذا الخبر، وحذف المبتدأ، على العكس مما نحن فيه، وهو قوله تعالى: (كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما " فقطع أمعاءهم)، أي أكمن هو خالد في الجنة يسقى من هذه الأنهار، كمن هو خالد في النار؟ على أحد الأوجه.
وجاء مصرحا بهما على الأصل في قوله تعالى: (أو من كان ميتا " فأحييناه وجعلنا له نورا " يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات) (4) (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله).
السادسة: استفهام الانكار لا يكون إلا على ماض، وخالف في ذلك صاحب (6) " الأقصى القريب " وقال: قد يكون عن مستقبل، كقوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون)، وقوله تعالى: (أليس الله بعزيز ذي انتقام) (8)، قال: أنكر أن حكم الجاهلية مما يبغي لحقارته، وأنكر عليهم سلب العزة عن الله تعالى، وهو منكر في الماضي والحال والاستقبال.
وهذا الذي قاله مخالف لإجماع البيانيين، ولا دليل فيما ذكره، بل الاستفهام في الآيتين عن ماض ودخله الاستقبال، تغليبا لعدم اختصاص المنكر بزمان. ولا يشهد له قوله