ومنها تقديمها على الواو وغيرها من حروف العطف، فتقول: (أفلم أكرمك؟) (أو لم أحسن إليك؟)، قال الله تعالى: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم)، وقال تعالى:
(أو كلما عاهدوا عهدا ") (1)، وقال تعالى: (أثم إذا ما وقع آمنتهم به)، فتقدم الهمزة على حروف العطف: الواو، والفاء، وثم. وكان القياس تأخيرها عن العاطف، فيقال: (فألم أكرمك؟)، (وألم أحسن إليك؟) كما تقدم على سائر أدوات الاستفهام، نحو قوله تعالى: (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله)، وقوله تعالى: (أم هل تستوي الظلمات والنور) (4)، وقوله تعالى:
(فأين تذهبون)، فلا يجوز أن يؤخر العاطف عن شئ من هذه الأدوات، لأن أدوات الاستفهام جزء من جملة الاستفهام، والعاطف لا يقدم عليه جزء من المعطوف، وإنما خولف هذا في الهمزة، لأنها أصل أدوات الاستفهام، فأرادوا تقديمها تنبيها على أنها الأصل في الاستفهام، لأن الاستفهام له صدر الكلام.
والزمخشري اضطرب كلامه، فتارة يجعل الهمزة في مثل هذا داخلة على محذوف عطف عليه الجملة التي بعدها، فيقدر بينهما فعلا محذوفا تعطف الفاء عليه ما بعدها، وتارة يجعلها متقدمة على العاطف كما ذكرناه، وهو الأولى.
وقد رد عليه في الأول بأن ثم مواضع لا يمكن فيها تقدير فعل قبلها، كقوله تعالى:
(أو من ينشأ في الحلية) (6)، (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق) (7)، (أفمن هو قائم) (7).