بغير واسطة لتفوز بشرف المخاطبة، إذ ليس من الفصيح أن يقول الرسول للمرسل إليه:
قال لي المرسل: (قل كذا وكذا)، ولأنه لا يمكن اسقاطها، فدل على أن المراد بقاؤها، ولابد لها من فائدة، فتكون أمرا من المتكلم للمتكلم بما يتكلم به أمره شفاها بلا واسطة، كقولك لمن تخاطبه: افعل كذا.
الثالث والثلاثون خطاب المعدوم ويصح ذلك تبعا " لموجود، كقوله تعالى: (يا بني آدم)، فإنه خطاب لأهل ذلك الزمان، ولكل من بعدهم، وهو على نحو ما يجري من الوصايا في خطاب الانسان لولده وولد ولده ما تناسلوا بتقوى الله وإتيان طاعته.
قال الرماني في تفسيره: وإنما جاز خطاب المعدوم لأن الخطاب يكون بالإرادة للمخاطب دون غيره، وأما قوله تعالى: (كن فيكون) فعند الأشاعرة أن وجود العالم حصل بخطاب (كن).
وقالت: الحنفية: التكوين أزلي قائم بذات الباري سبحانه، وهو تكوين لكل جزء من أجزاء العالم عند وجوده، لا أنه يوجد عند (كاف ونون).
وذهب فخر الاسلام شمس الأئمة منهم إلى أن خطاب (كن) موجود عند إيجاد كل شئ، فالحاصل عندهم في إيجاد الشئ شيئان: الإيجاد وخطاب (كن).