البرهان - الزركشي - ج ٢ - الصفحة ٤٤٤
رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما)، ولما كان الظرف فيه شبه من المفرد وشبه من الجملة جعل بينهما.
وقد أوجب ابن عصفور، ذلك وليس كما قال، فقد قال تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين) ولا يقال: إن (أذلة) بدل لأنه مشتق، والبدل إنما يكون في الجوامد، كما نص عليه هو وغيره.
وأما قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك)، فقيل: إنه من تقديم الجملة على المفرد، ويحتمل أن يكون (مبارك) خبرا " لمحذوف، فلا يكون من هذا الباب.
السابعة [في اجتماع التابع والمتبوع] في اجتماع التابع والمتبوع أنهم يقدمون المتبوع، فيقولون: (أبيض ناصع) و (أصفر فاقع) و (أحمر قان) و (أسود غربيب)، قال الله تعالى: (صفراء فاقع لونها)، والمعنى أن التبع فيه زيادة الوصف، فلو قدم لكان ذكر الموصوف بعده عيبا "، إلا أن يكون لمعنى أوجب تقديمه.
وقد أشكل على هذه القاعدة قوله تعالى: (وغرابيب سود)، وهي من الآيات التي صدئت فيها الأذهان الصقيلة، وعادت بها أسنة الألسنة مفلولة، ومن جملة العجائب أن شيخا " أراد أن يحتج على مدرس لما ذكر له هذا السؤال، فقال: إنما ذكر السواد لأنه قد يكون في الغربان ما فيه بياض، وقد رأيته ببلاد المشرق! فلم يفهم من الآية إلا أن الغرابيب هو الغراب، ولا قوة إلا بالله!
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»
الفهرست