رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما)، ولما كان الظرف فيه شبه من المفرد وشبه من الجملة جعل بينهما.
وقد أوجب ابن عصفور، ذلك وليس كما قال، فقد قال تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين) ولا يقال: إن (أذلة) بدل لأنه مشتق، والبدل إنما يكون في الجوامد، كما نص عليه هو وغيره.
وأما قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك)، فقيل: إنه من تقديم الجملة على المفرد، ويحتمل أن يكون (مبارك) خبرا " لمحذوف، فلا يكون من هذا الباب.
السابعة [في اجتماع التابع والمتبوع] في اجتماع التابع والمتبوع أنهم يقدمون المتبوع، فيقولون: (أبيض ناصع) و (أصفر فاقع) و (أحمر قان) و (أسود غربيب)، قال الله تعالى: (صفراء فاقع لونها)، والمعنى أن التبع فيه زيادة الوصف، فلو قدم لكان ذكر الموصوف بعده عيبا "، إلا أن يكون لمعنى أوجب تقديمه.
وقد أشكل على هذه القاعدة قوله تعالى: (وغرابيب سود)، وهي من الآيات التي صدئت فيها الأذهان الصقيلة، وعادت بها أسنة الألسنة مفلولة، ومن جملة العجائب أن شيخا " أراد أن يحتج على مدرس لما ذكر له هذا السؤال، فقال: إنما ذكر السواد لأنه قد يكون في الغربان ما فيه بياض، وقد رأيته ببلاد المشرق! فلم يفهم من الآية إلا أن الغرابيب هو الغراب، ولا قوة إلا بالله!