ثم ذكر تعالى أن أبصارهم الظاهرة لم تعم عن النظر والرؤية وإن عميت قلوبهم التي في صدورهم.
وقيل: لما كانت العين قد يعني بها القلب، في نحو قوله تعالى: (الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري)، جاز أن يعنى بالقلب العين، فقيد القلوب بذكر محلها رفعا " لتوهم إرادة غيرها.
وقيل: ذكر محل العمى الحقيقي الذي هو أولى باسم العمى من عمى البصر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، أي هذا أولى بأن يكون شديدا منه، فعمى القلب هو الحقيقي لا عمى البصر، فأعمى القلب أولى أن يكون أعمى من أعمى العين، فنبه بقوله: (التي في الصدور) على أن العمى الباطن في العضو الذي عليه الصدر، لا العمى الظاهر في العين التي محلها الوجه.
فوائد تتعلق بالصفة الأولى [الصفة العامة لا تأتي بعد الصفة الخاصة] اعلم أن الصفة العامة لا تأتي بعد الصفة الخاصة، لا تقول: هذا رجل فصيح متكلم، لأن المتكلم أعم من الفصيح، إذ كل فصيح متكلم ولا عكس.
وإذا تقرر هذا أشكل قوله تعالى: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق