وقيل لأبي أسيد: من أين تأكل؟ فقال: سبحانه الله والله أكبر! إن الله يرزق الكلب أفلا يرزق أبا أسيد!. وقيل لحاتم الأصم: من أين تأكل؟ فقال: من عند الله، فقيل له:
الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء؟ فقال: كأن ماله إلا السماء! يا هذا الأرض له والسماء له، فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض، وأنشد:
وكيف أخاف الفقر والله رازقي * ورازق هذا الخلق في العسر واليسر تكفل بالأرزاق للخلق كلهم * وللضب في البيداء والحوت في البحر وذكر الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " بإسناده عن زيد بن أسلم: أن الأشعريين أبا موسى وأبا مالك وأبا عامر في نفر منهم، لما هاجروا وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وقد أرملوا (1) من الزاد، فأرسلوا رجلا منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله، فلما انتهى إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه يقرأ هذه الآية " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين " فقال الرجل:
ما الأشعريون بأهون الدواب على الله، فرجع ولم يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لأصحابه: أبشروا أتاكم الغوث، ولا يظنون إلا أنه قد كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعده، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجلان يحملان قصعة بينها مملوءة خبزا ولحما فأكلوا منها ما شاءوا، ثم قال بعضهم لبعض: لو أنا رددنا هذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي به حاجته، فقالوا للرجلين: اذهبا بهذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا قد قضينا منه حاجتنا، ثم إنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ما رأينا طعاما أكثر ولا أطيب من طعام أرسلت به، قال: " ما أرسلت إليكم طعاما " فأخبروه أنهم أرسلوا صاحبهم، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما صنع، وما قال لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذلك شئ رزقكموه الله ".