ما لنا من محيص " أي منجي، فقام إبليس عند ذلك فقال: " إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم " يقول: لست بمغن عنكم شيئا " وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل " الحديث بطوله، وقد كتبناه في كتاب " التذكرة " بكماله.
قوله تعالى: (وقال الشيطان لما قضي الأمر) قال الحسن: يقف إبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعا. ومعنى: " لما قضي الأمر " أي حصل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، على ما يأتي بيانه في " مريم " (1) عليها السلام.
(إن الله وعدكم وعد الحق) يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي فصدقكم وعده، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب فأخلفتكم.
وروي ابن المبارك من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: " فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجه المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم ويقول عند ذلك: " إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم " الآية. " وعد الحق " هو إضافة الشئ إلى نعته (2) كقولهم:
مسجد الجامع، قال الفراء قال البصريون: وعدكم وعد اليوم الحق أو وعدكم وعد الوعد الحق فصدقكم، فحذف المصدر لدلالة الحال. (وما كان لي عليكم من سلطان) أي من حجة وبيان، أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزينته لكم في الدنيا، (إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي) أي أغويتكم فتابعتموني. وقيل: لم أقهركم على ما دعوتكم إليه. " إلا أن دعوتكم " هو استثناء منقطع، أي لكن دعوتكم بالوسواس فاستجبتم لي باختياركم، " فلا تلوموني ولوموا أنفسكم " وقيل: " وما كان لي عليكم من سلطان " أي على قلوبكم وموضع إيمانكم لكن