قوله تعالى: (وبرزوا لله جميعا) أي برزوا من قبورهم، يعني يوم القيامة. والبروز الظهور. والبراز المكان الواسع لظهوره، ومنه امرأة برزة أي تظهر (1) للناس، فمعنى، " برزوا " ظهروا من قبورهم. وجاء بلفظ، الماضي ومعناه الاستقبال، وأتصل هذا بقوله: " وخاب كل جبار عنيد " أي وقاربوا لما استفتحوا فأهلكوا، ثم بعثوا للحساب فبرزوا لله جميعا لا يسترهم عنه ساتر. " لله " لأجل أمر الله إياهم بالبروز. (فقال الضعفاء) يعني الأتباع (للذين استكبروا) وهم القادة. (إنا كنا لكم تبعا) يجوز أن يكون تبع مصدرا، التقدير:
ذوي تبع. ويجوز أن يكون تابع، مثل حارس وحرس، وخادم وخدم، وراصد ورصد، وباقر وبقر (2). (فهل أنتم مغنون) أي دافعون (عنا من عذاب الله من شئ) أي شيئا، و " من " صلة، يقال: أغني عنه إذا دفع عنه الأذى، وأغناه إذا أوصل إليه النفع. (قالوا لو هدانا الله لهديناكم) أي لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه.
وقيل: لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها. وقيل، لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه. (سواء علينا) هذا ابتداء خبره " أجزعنا " أي: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) أي من مهرب وملجأ. ويجوز أن يكون بمعنى المصدر، وبمعنى الاسم، يقال: حاص فلان عن كذا أي فر وزاغ يحيص حيصا وحيوصا وحيصانا، والمعنى:
ما لنا وجه نتباعد به عن النار. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقول أهل النار إذا أشتد بهم العذاب تعالوا نصبر فيصبرون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا هلم فلنجزع فيجزعون ويصيحون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا " سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص " ". وقال محمد بن كعب القرظي: ذكر لما أن أهل النار يقول بعضهم لبعض: يا هؤلاء! قد نزل بكم من البلا والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الطاعة على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا، فأجمعوا رأيهم على الصبر فصبروا، فطال صبرهم فجزعوا، فنادوا: " سواء علينا أجزعنا أم صبرنا