وقيل: " من " للبدل وليست بزائدة ولا مبعضة، أي لتكون المغفرة بدلا من الذنوب.
(ويؤخركم إلى أجل مسمى) يعني الموت، فلا يعذبكم في الدنيا. (قالوا إن أنتم) أي ما أنتم. (إلا بشر مثلنا) في الهيئة والصورة، تأكلون مما نأكل، وتشربون مما نشرب، ولستم ملائكة. (تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا) من الأصنام والأوثان (فأتونا بسلطان مبين) أي بحجة ظاهرة، وكان محالا منهم، فإن الرسل ما دعوا إلا ومعهم المعجزات.
قوله تعالى: قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون (11) وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدنا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون (12) قوله تعالى: (قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم) أي في الصورة والهيئة كما قلتم.
(ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) أي يتفضل عليه بالنبوة. وقيل، بالتوفيق والحكمة والمعرفة والهداية. وقال سهل بن عبد الله: بتلاوة القرآن وفهم ما فيه.
قلت: وهذا قول حسن، وقد خرج الطبري من حديث ابن عمر قال قلت لأبي ذر: يا عم أوصني، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: " ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا ولله فيه صدقة يمن بها على من يشاء من عباده وما من الله تعالى على عباده بمثل أن يلهمهم ذكره ". (وما كان لنا إن نأتيكم بسلطان) أي بحجة وآية. (إلا بإذن الله) أي بمشيئته، وليس ذلك في قدرتنا، أي لا نستطيع أن نأتي بحجة كما تطلبون إلا بأمره وقدرته، فلفظه لفظ الخبر، ومعناه النفي، لأنه لا يحظر على أحد ما لا يقدر عليه.
(وعلى الله فليتوكل المؤمنون) تقدم معناه.