وقتادة والحسن: هو ما يغلب عليه المسلمون مما في أيدي المشركين، وروي ذلك عن ابن عباس، وعنه أيضا هو خراب الأرض حتى يكون العمران في ناحية منها، وعن مجاهد:
نقصانها خرابها وموت أهلها. وذكر وكيع بن الجراح عن طلحة بن عمير عن عطاء بن أبي رباح في قول الله تعالى: " أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها " قال: ذهاب فقهائها وخيار أهلها. قال أبو عمر بن عبد البر: قول عطاء في تأويل الآية حسن جدا، تلقاه أهل العلم بالقبول.
قلت: وحكاه المهدوي عن مجاهد وابن عمر، وهذا نص القول الأول نفسه، روى سفيان عن منصور عن مجاهد، " ننقصها من أطرافها " قال: موت الفقهاء والعلماء، ومعروف في اللغة أن الطرف الكريم من كل شئ، وهذا خلاف ما ارتضاه أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم من قول ابن عباس. وقال عكرمة والشعبي: هو النقصان وقبض الأنفس.
قال أحدهما: ولو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك (1). وقال الآخر: لضاق عليك حش تتبرز فيه. قيل: المراد به هلاك من هلك من الأمم قبل قريش وهلاك أرضهم بعدهم، والمعنى: أو لم تر قريش هلاك من قبلهم، وخراب أرضهم بعدهم؟! أفلا يخافون أن يحل بهم مثل ذلك، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس ومجاهد وابن جريج. وعن ابن عباس أيضا أنه بركات الأرض وثمارها وأهلها. وقيل: [نقصها] (2) بجور ولاتها.
قلت: وهذا صحيح معنى، فإن الجور والظلم يخرب البلاد، بقتل أهلها وانجلائهم عنها، وترفع من الأرض البركة، والله أعلم.
قوله تعالى: (والله يحكم لا معقب لحكمه) أي ليس يتعقب حكمه أحد بنقص ولا تغيير. (وهو سريع الحساب) أي الانتقام من الكافرين، سريع الثواب للمؤمن.
وقيل: لا يحتاج في حسابه إلى روية قلب، ولا عقد بنان، حسب ما تقدم في " البقرة " (3) بيانه.