يروي معناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن مسعود وأبي وائل وكعب الأحبار وغيرهم، وهو قول الكلبي. وعن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. وقال ابن مسعود: اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني في السعداء، فإنك: تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. وكان أبو وائل يكثر أن يدعو: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامح واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وقال كعب لعمر بن الخطاب: لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة. " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ". وقال مالك بن دينار في المرأة التي دعا لها: اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وقد تقدم في الصحيحين عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من سره أن يبسط له رزقه وينسأ له أثره (1) فليصل رحمه ".
ومثله عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أحب " فذكره بلفظه سواء، وفيه تأويلان: أحدهما - معنوي، وهو ما يبقى بعده من الثناء الجميل والذكر الحسن، والأجر المتكرر، فكأنه لم يمت. والآخر - يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفوظ، والذي في علم الله ثابت لا تبدل له، كما قال: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ". وقيل لابن عباس لما روى الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أحب أن يمد الله في عمره وأجله ويبسط له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه " كيف يزاد في العمر والأجل؟! فقال: قال الله عز وجل: " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " (2) [الأنعام: 2]. فالأجل الأول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته، والأجل