عليهن سبع يابسات فأكلنهن حتى أتين عليهن فلم يبق منهن شئ وهن يابسات، وكذلك البقر كن عجافا فلم يزد فيهن شئ من أكلهن السمان، فهالته الرؤيا، فأرسل إلى الناس وأهل العلم منهم والبصر بالكهانة والنجامة والعرافة والسحر، وأشراف قومه، فقال: " يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي " فقص عليهم، فقال القوم: " أضغاث أحلام " [يوسف: 44] قال ابن جريج قال لي عطاء:
إن أضغاث الأحلام الكاذبة المخطئة من الرؤيا. وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: إن الرؤيا منها حق، ومنها أضغاث أحلام، يعني بها الكاذبة. وقال الهروي: قوله تعالى: " أضغاث أحلام " أي أخلاط أحلام. والضغث في اللغة الحزمة من الشئ كالبقل والكلأ وما أشبههما، أي قالوا: ليست رؤياك ببينة، والأحلام الرؤيا المختلطة. وقال مجاهد:
أضغاث الرؤيا أهاويلها. وقال أبو عبيدة: الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا.
قوله تعالى: " سبع بقرات سمان " حذفت الهاء من " سبع " فرقا بين المذكر والمؤنث " سمان " من نعت البقرات، ويجوز في غير القرآن سبع بقرات سمانا، نعت للسبع، وكذا خضرا، قال الفراء: ومثله. " سبع سماوات طباقا " (1) [نوح: 15]. وقد مضى في سورة " البقرة " (2) اشتقاقها (3) ومعناها. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: المعز والبقر إذا دخلت المدينة فإن كانت سمانا فهي سني (4) رخاء، وإن كانت عجافا كانت شدادا، وإن كانت المدينة مدينة بحر وإبان سفر قدمت سفن على عددها وحالها، وإلا كانت فتنا مترادفة، كأنها وجوه البقر، كما في الخبر " يشبه بعضها بعضا ". وفي خبر آخر في الفتن " كأنها صياصي البقر " (5) يريد لتشابهها، إلا أن تكون صفرا كلها فإنها أمراض تدخل على الناس، وإن كانت مختلفة الألوان، شنيعة القرون وكان الناس ينفرون منها، أو كأن النار والدخان يخرج من أفواهها فإنه عسكر أو غارة، أو عدو يضرب عليهم، وينزل بساحتهم. وقد تدل البقرة على الزوجة والخادم والغلة والسنة، لما يكون فيها من الولد والغلة والنبات. (يأكلهن سبع عجاف) من عجف يعجف، على وزن عظم يعظم، وروي عجف يعجف على وزن حمد يحمد.